لأنَّهم كانوا يخرُجون لقَضاءِ حاجَتِهم إليه لخلائه من النَّاسِ، كما قالوا: الغائطُ باسم ما اطْمَأنَّ من الأرضِ؛ لقَصدِهم إيَّاه لذلك، ومنه قوله:«تبرَّزْنَ»[خ¦١٤٦]، و «تبرَّز»[خ¦٢١٧]، و «التَّبرُّز»[خ¦٤٧٥٠]، و «مُتبرَّزُنا»[خ¦٢٦٦١]، وما جاء من اشتِقَاق هذه الكَلِمة في الحَديثِ.
وقوله:«إنَّ ابنَ أبي العاصِ برَز يَمشِي القُدَمِيَّةَ»[خ¦٤٦٦٥] بتَخفيفِ الرَّاء؛ أي: ظهَر وتقدَّم، وروَاه بعضُهم:«برَّز» بالتَّشديدِ، والأوَّلُ أظهَرُ بدَليلِ قَولِه عن الآخر:«وإنَّه لوَّى ذَنَبه» أي: جَبُنَ وقعَد، كما تفعَل السِّباعُ إذا نامَت.
وقوله:«إنَّه ﵇ كان يوماً بارِزاً»[خ¦٤٧٧٧] أي: ظاهِراً بين النَّاسِ.
١٥٥ - (ب ر ط) قوله في تَفسيرِ: ﴿سَامِدُونَ﴾ [النجم: ٦١]: «البَرْطَمَةُ»[خ¦٦٥/ ٥٣ - ٧١٣١] كذا لجُمهورِهم بباء مَفتوحَة وطاءٍ مُهمَلة، وعند الأَصيليِّ والقابِسيِّ وعَبدُوس:«البَرطَنة» بالنُّونِ، فسَّره الحَمُّوييِّ في الأصْلِ: ضَربٌ من اللَّهوِ، وهو معنَى قولِ عِكرِمةَ في الأمِّ:«يَتَغنَّون»[خ¦٦٥/ ٥٣ - ٧١٣١]، وقولِ غيرِه في غَيرِها:«لاهُونَ»[خ¦٦٥/ ١٠٧ - ٧٣٥٢]، وقال بعضُهم في تَفسيرِ البَرطَمَة: هو شِدَّة الغَضبِ، وقال المُبرِّد في تَفسيرِ ﴿سَامِدُونَ﴾ هو القِيامُ في تحيُّرٍ، وهو نحوٌ من هذا القَولِ الأخِيرِ.
١٥٦ - (ب ر ك) قوله: «كَثيراتُ المبارِكِ قلِيلاتُ المَسارِحِ»[خ¦٥١٨٩] قيل: إنَّها محبُوسَةٌ أكثَر وَقتِها للنَّحرِ، قلِيلَةٌ ما تَسرَح، وقيل: معناه أنَّها تُحلَب مِراراً للأضْيافِ، فتُقام لذلك ثمَّ تبرك، وقيل: هي كثِيرَةٌ في مَبارِكها بمن ينتابُها من الأضْيافِ والعُفاةِ، قلِيلةٌ في ذاتها إذا رعَت.
وقوله:«فبرَّك رسولُ الله ﷺ في خَيلِ أَحمَسَ» بتَشديدِ الرَّاء؛ أي: دعا لها بالبَركةِ، والبَركةُ النَّماءُ والزِّيادةُ.
ومنه قوله:«البَركَة مِن الله»[خ¦٣٥٧٩] في حَديثِ المِيضَأَةِ، ويكون بمعنَى الثُّبوت واللُّزومِ، وقيل هذا في قوله تعالى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ﴾ [الملك: ١] إنَّه من البَقاء والدَّوام، وقيل: من الجَلالِ والعَظمَة، وقيل: معنَى تبارَك الله: تعالَى، وقيل: تقدَّس، ونفَى المُحقِّقون من أهل اللُّغة والنَّظرِ أن يُتأوَّلَ في حقِّه تعالى معنى الزِّيادة؛ لأنَّها تُنبِئ عن النَّقصِ، وقال بعضُهم: بل معناها أنَّ باسْمِه وذِكْره تُنال البَركة والزِّيادة، ولا يقال: تبارَك كذا إلَّا لله تعالى ومن هذا قوله: «اللهمَّ بارِكْ لنا في كذا»[خ¦١٠٣٧] أي: أَدِمْهُ لنا أو زِدْنا منه.