للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وفي بَيعِ الحَيوانِ بَعْضه ببَعضٍ: «في البَعِيرَين ليس بينهما تفاضُلٌ ونَجابَةٌ ولا رِحلَةٌ» كذا ضَبَطناه عن شيُوخِنا بكَسرِ الرَّاء، والذي حكَاه أبو عُبَيدٍ فيه الضَّمُّ، قال: بَعِيرٌ ذو رُحْلة؛ إذا كان شَدِيداً قويّاً، وناقَة ذات رُحلة عن الأصمعيِّ، وعن الأموِيِّ: الرُّحْلة: جَوْدة المشي، كذا رِوايَتنا فيه بالحَاءِ في الأصْلِ، وضَبَطناه في الحاشِيَة عن بَعضِ الرُّواة «رُجلة» بالجيمِ.

٨٢٤ - (ر ح م) قوله: «وأنا نَبِيُّ الرَّحْمةِ» كذا للسِّجزيِّ، ولغَيرِه: «المَرحَمة»؛ لأنَّ به تِيب على النَّاس وآمنوا ورُحِموا، كما قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: ١٠٧]، وقد يكون مَعناه ما سمَّاه الله به من قوله: ﴿بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ [التوبة: ١٢٨]؛ لعَطْفه وإحسَانِه لهم، وقد يكون ذلك لرَحمة الله العالَمِين بشَفاعَتِه الأُولَى في المَوقِف من شِدَّته وتَعجِيل حِسابِهم ورَحمَة المُؤمِنِين بَعدُ على درَجاتِهم بشَفاعَتِه الثَّانِيَة منَ النَّار أو البَقاءِ فيها، وفي بَعضِ الرِّوايات عن مُسلمٍ: «نَبِيُّ المَلْحَمَة» كأنَّه المَبعُوث بالقِتال والجِهاد، كما قال: «بُعِثْتُ بالذَّبْحِ»، و «أُمِرتُ أن أُقَاتِلَ النَّاسَ حتَّى يَقُولوا لا إله إلاَّ الله» [خ¦٢٥]، وكما جاء في حَديثِ حُذيفَةَ: «نبيّ المَلاحِم»، و «نَبِيُّ الرَّحْمة»، ذكَره ابنُ أبي خَيثمَةَ.

قوله: «جعَل الله الرُّحْم مِئةَ جُزْءٍ» * [خ¦٦٠٠٠] كذا رويناه بضَمِّ الرَّاءِ، مَعناه: العطفُ والرَّحمةُ، كما قال في الحَديثِ الآخر: «خَلَقَ الله مِئةَ رَحْمَةٍ» [خ¦٦٤٦٩] يقال: رَحمَة ورُحمَة بالفَتحِ والضَّمِّ، ورُحْم بالضَّمِّ، والرَّحِيمُ من أسْماءِ الله تعالى، والرَّحمنُ من ذلك، فالرَّحمنُ ممَّا اختَصَّ به تعالى لا يُسمَّى به غيرُه كـ: الله، وأمَّا الرَّحِيمُ فقد يُوصَف به المَخلُوقُون، قال الله تعالى لنَبيِّه: ﴿بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ [التوبة: ١٢٨]، وهي منَ الله عَطفٌ وإحِسانٌ، ومن المَخلُوقِين رِقةٌ وارْتماضٌ يقضي بالعَطفِ والإحْسانِ.

قوله: «الرَّحِم مُتعَلِّقَة بالعَرشِ» يقال: رَحِم ورِحْم ورُحْم، واعلَم أنَّ ما جاء من ذِكْر الرَّحم في مِثْل هذا كقوله: «قامت الرَّحِم فقالَت: هذا مَقام العائِذِ بِكَ» [خ¦٤٨٣٠] أنَّه على وَجهِ ضَربِ المِثال والاسْتِعارَة ومَجازِ كَلامِ العَربِ، وأن الرَّحمَ هنا ليسَت بجِسْمٍ، وإنَّما هي مَعنًى من المَعانِي، وهو النَّسبُ والاتِّصالُ الَّذي يجمَعُه رَحِم والِدة، فسُمِّي باسْمِه، والمعاني لا يصحُّ منها القِيامُ ولا الكَلامُ لكنَّه تقرِيبٌ لفَهم عَظيمِ حقِّها، ووُجُوب صِلةِ المتَّصفِين بها، وعَظيمِ إثمِ قَاطعِها،

<<  <  ج: ص:  >  >>