القاضي ﵀: ليس يقتضِي ضرورةُ الكلامِ أنَّه سألَها بفارسَ، ولعلَّه إنَّما سألها بعدَ وصولِه إلى المدينةَ، أو حيثُ لقيها عن صلاتِه جالساً هل تُجزِئُه، وهو ظاهرُ الحديثِ؛ لأنَّه إنَّما سألها عن شيءٍ كان قد فعلَه.
وقوله:«في إناءٍ هو الفَرق» في الغُسلِ من الجنابةِ، رويناه بإسكانِ الرَّاء وفتحِها عن شيوخِنا فيها، والفتحُ للأكثرِ، قال الباجِيُّ: وهو الصَّوابُ، وكذا قيَّدناه عن أهلِ اللُّغة، قال: ولا يقال فيه فَرْق بالإسكانِ، ولكن فَرَق: بالفتحِ، وكذا حكَى النَّحَّاس، وحكى ابنُ دريدٍ: أنَّه قد قيلَ بالإسكانِ.
ومثله في الحديثِ الآخرِ:«فَرَق أَرُزٍّ»[خ¦٢٣٣٣] وهو نحوُ ثلاثةِ آصُعٍ، وقيل: يسعُ خمسةَ عشرَ رطلاً؛ وهو إناءٌ معروفٌ عندَهم.
وفي كتابِ الحجِّ في الفِدية:«تصدَّقْ بفَرَقٍ بين ستَّةِ مساكينَ»[خ¦١٨١٥]، وفي الحديثِ الآخرِ:«أطعِمْ ثلاثةَ آصُعٍ» وهذا نحوُ ما تقدَّم؛ لأنَّ في كلِّ صاعٍ أربعةُ أمدادٍ، والمدُّ-على مذهبِ الحجازيِّين-: رِطلٌ وثلثٌ، فيأتي الفَرَق على هذا ستَّةَ عشرَ رِطلاً، وتقدَّمَ الخلافُ والكلامُ على قولِه في حديثِ الخوارجِ:«يخرجون على خير فِرْقةٍ» في حرفِ الخاءِ.
وقوله في «الموطَّأ» في البيعةِ: «ولا نأتيَ ببُهتان نفترينَه» كذا عندَ يحيى بنِ يحيى بنونَينِ وإثباتِ العلامتَينِ للجمعِ، وهو غلطٌ، ولا تجتمعُ العلامتانِ بوجهٍ، والصَّوابُ ما لجماعةِ الرُّواةِ:«نَفْتَرِيه».
وقوله في (بابِ زكاةِ العُروضِ): «فلم يستَثْنِ صدقةَ الفَرْضِ من غيرِها»[خ¦٢٤/ ٣٣ - ٢٢٧٩] كذا لجمهورِ الرُّواة؛ يعني العينَ، وعندَ بعضِهم:«العرَض» بالعينِ، وبعدَه أيضاً:«فلم يخُصَّ الذَّهبَ والفِضَّةَ من العُروضِ» بالعينِ لكافَّتهم، وعندَ عبدوسٍ:«من الفُروضِ» بالفاءِ، وضبَّب عليه.
الفاءُ مع الزَّاي
١٨٣٥ - (ف ز ر) قوله في حديثِ سعدٍ: «ففزَر أنفَه وكان مَفْزوراً» معناه: شقَّه، يقال: فزَرتُ الثَّوب، مخفَّف الزَّاي.
١٨٣٦ - (ف ز ع) قوله: «ففزِعَ النَّبيُّ ﷺ من نومِه» أي: هبَّ، وكذلك في حديثِ الوادِي:«ففزِعوا» أي: هَبُّوا وقامُوا من نومِهم.
ومنه:«فافْزَعوا إلى الصَّلاةِ»[خ¦١٠٤٦] أي: بادِروا إليها، وقيل: اقصدُوا إليها، ويكون أيضاً بمعنى: استَغيثوا من فزعِكم بالله فيها، وقيل: فزعِوا: ذُعِروا خوفَ عدوِّهم أن يعلَم بغفلتِهم، وقيل: فزعِوا خوفَ المؤاخذةِ