ومثله:«لأَسُلَّنَّكَ منهم كما تُسَلُّ الشَّعرةُ من العَجينِ»[خ¦٣٥٣١]، ومنه:«سَلُّ السَّيفِ» لإخراجِه برِفْقٍ.
ومنه قول عائشَةَ في الحَيضِ:«فانسَللتُ من الخَميلةِ فأخذتُ ثيابَ حيضَتِي»[خ¦٢٩٨] أي: خرَجت منها برِفْق كما قالَت في الحَديثِ الآخَر: «فأكْرَه أن أستَقبِلَه فأَنسلُّ انسِلالاً»[خ¦٥١١].
ومثله قوله في حديث الجنب:«فانسَلَلتُ فأتيتُ الرَّحلَ فاغتَسَلتُ»[خ¦٢٨٥] أي: انقبَضْت عنه وانصرَفت، يريد من حيث لم يَشعُر، وقال بعضُ الشَّارحِينَ: معناه أسرَعت، من النَّسَلَان، وهو تقاربُ الخَطوِ مع الإسراعِ، ولم يقل شيئاً؛ لأن النُّون هنا أصلِيَّة واللَّام غير مُضاعفةٌ.
و «السَّلَم»[خ¦٢٢٤٨] في البَيعِ، و «السَّلَف»[خ¦٢٢٤٢] بالميمِ والفاء بمعنًى، وهو مَذكُور في الحَديثِ، وهو تقديمُ رأس المال في مَضمُون مَوصُوف إلى أجلٍ، مُشتَق من الدَّفعِ والتَّسليمِ، يقال فيه: أسلَم وسلَّم، وأسلَف وسلَّف وأرهَن كلُّه بمعنًى.
و «السَّلام» من أَسْماءِ الله تعالى، قيل: معناه ذو السَّلامةِ؛ أي: من كلِّ عيبٍ ونَقصٍ، وهو اختيارُ ابنِ فُورَك وغيرِه، وقيل: الَّذي سَلِم عبَاده من ظُلمِه، حكاه الخَطابيُّ، وقال الجُوينيُّ: معناه مُسلِّم عبَاده من هَلاكِه، وقال القُشيريُّ: مُسلِّم المُؤمنِين من عَذابِه، قال: وقيل: المُسلِّمُ على عِبادِه بقَولِه تعالى: ﴿قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى﴾ [النمل: ٥٩] أي: ذو السَّلام، وقيل: المُسَلِّم على المُؤمنِين في الجِنَان بقوله: ﴿سَلَامٌ قَوْلًا مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ﴾ [يس: ٥٨].
وأمَّا «السَّلامُ» من الصَّلاة، و «السَّلامُ» من التَّحِيَّة، فقيل: معنى ذلك السَّلامة لك ولكم، والسَّلامُ والسَّلامةُ سواء، كالرَّضاع والرَّضاعَة، فكأنَّ المُسَلِّمَ إذا سلَّم على الآخر أعلَمَه أنه مُسالِم له لا يخاف منه، وقيل: معناه الدَّعاء؛