للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ربَّاها له كما يُرَبِّي أحدُكُم فُلُوَّه» [خ¦١٤١٠] التَّربِيَة والتَّربِيبُ القيامُ على الشَّيءِ والإصلاحُ والمعاهَدةُ له، يقال: رَبَّه ورَبَّاه ورَبَّبه ببائَين، ورَبَّته بالتَّاء، كلُّه بمعنَى حضَنه وقام عليه، ومعنَى الحديثِ هنا تضعيفُ الله أجرَه في ذلك وتكثيرُه.

فصلُ الاخْتلافِ والوَهمِ

في حَديثِ ﴿وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٤]: «فَانْطَلَق يَرْبَأُ أهْلَه» كذا في كتابِ شَيخِنا أبي محمَّدٍ الخُشنيِّ وأبي عبدِ الله التَّميميِّ؛ بباءٍ بواحِدَةٍ مَفتوحَةٍ بعدها هَمزَة، ومعناه: يَتطلَّع لهم ويَتحسَّسُ، والرَّبيئةُ: العينُ والطَّليعَةُ للقَومِ، وكان عند بقيَّةِ شيُوخِنا وأكثرِ النُّسخِ: «يَرْتُو» بتاءٍ باثنتين فوقها مضمومة بغَيرِ هَمزٍ، وقد يكون مَعناه؛ أي: يتقدَّمهم ليتطلَّعَ لهم، وقد يكون مَعناه: يشُدُّ ويُقوِّي بصائِرَهم، وقيل: هو من قولهم: رَتَا برأسه يَرْتُو رَتْواً مثلُ الإيماء، والأوَّلُ أظهَرُ في معنَى الحديثِ هنا.

قوله في حَديثِ الَّذي أمرَ أهلَه أن يُحرِّقُوه: «فأخَذ مَواثِيقَهم على ذلك ورَبِّي ففَعَلوا به ذلك» كذا رواه البخاريُّ [خ¦٦٤٨١]، ورواه مُسلمٌ: «ففَعَلوا ذلك به ورَبِّي» مُؤخَّراً، قال بعضُهم: ما في البُخاريِّ الصَّوابُ، «ورَبِّي» هنا قسَمٌ على صحَّة ما ذكَرَه، وكلتا الرِّوايتَين تصحُّ على القَسمِ، ووجَدتُه في أصلِ شَيخِنا التَّميميِّ من طريقِ ابنِ الحذَّاءِ: «وذُرِّي» أي: فُعِل به ما أمرَهم به من أن يَذرُّوه في الرِّيح بعد حَرقِه وسَحْقِه، وهذه الرِّوايَة هي الوَجْه في الحَديثِ، ويكون تأخيرُه في كتابِ مُسلمٍ أصوَبُ، لكنَّه لم يكن عند أحدٍ من شيُوخِنا غيره، ويحتَمِل أن يكون «ورَبِّي» مُغيَّراً منه، وقد يحتَمِل أن يكون مغيَّراً من العَهدِ والمِيثاقِ أيضاً، فإنَّ الرِّباب-بالكسر-: العهدُ، والمُعاهِدُون يقال لهم: أرِبَّة مثل أعِزَّة فلعلَّه فِعْلٌ منه، والله أعلم، وعليه حملَه بعضُ الشّارحِين.

قوله: «الصَّلاةُ في مَرَابِضِ الإبلِ» كذا للأصيليِّ، ولغَيرِه: «مَواضِع» [خ¦٨/ ٥٠ - ٧٠٨]، وهو أصَحُّ، وإنَّما يُستَعمل المِربَض في الشَّاء، وقالوا: ربَضَتِ الدَّابَّة رُبُوضاً: بركَتْ، وأصلُ المَعطِنِ للإبِلِ، وسيأتي في حرفه [ع ط ن].

وقوله: «ذلك مالٌ رابِحٌ» ويُروَى: «رايح» معاً بالباء بواحِدَةٍ من الرِّبح بالأجْر وجَزيلِ الثَّواب؛ أي: ذو رِبحٍ أو رابحٍ ربُّه، وقيل: تفسيره: كريمٌ كثيرُ الرِّبح، وبالياء باثنتين تحتها من الرَّواح عليه بالأجْرِ على الدَّوامِ ما بقِيَت أصولُه وثمارُه، وقد اختَلَفت رُوَاة «الموطَّأ» عن مالكٍ فيه بالوَجهَين، وبالياء باثنَتينِ رِوايَةُ يحيى بنِ يحيى الأندلسيِّ وبَعضِهم، وبالباء وحدَها رِوايَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>