للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فصلُ الاخْتلافِ والوَهمِ

قوله في حديثِ الفتحِ: «احصِدُوهم حَصْداً»، و «أَحْفَى بيدِه على الأخرى» أي: أشارَ إلى استِئصالِ القَطع، كما يفعَل حاصِدُ الزَّرع إذا حصَده، ومثلُ ذلك تجرِيرُه على الأخرى وهي مقبوضَةٌ، وقيل: أحفَى: بالَغ، ورواه بعضُهم: «وأكْفَأ بيدِه» بالكافِ؛ أي: أمالَ وقلبَ، وهما بمعنًى واحدٍ، وفي بعضِها: «أَخْفَى» بالخاءِ، ولا وجهَ له.

قوله: «فاحْتَفزتُ كما يَحتفِزُ الثَّعلبُ» كذا هو عند السَّمرقنديِّ بالزَّاي، ورواه كافَّتُهم بالرَّاء المهملة، والأوَّلُ هو الصَّوابُ، ومعناه: تَضامَمَت واجتَمعتُ حتَّى وسعَ من مَدخَل الجدولِ، وبِساطُ الحديثِ ومقصِدُه يدلُّ عليه ويُظهِر خطأَ الرِّوايةِ الأخرى.

وقوله في كتابِ الأدب: «تلك الكلمةُ … يحفَظها الجنِّيُّ» كذا لهم هنا من الحِفظ، وللقابسيِّ: «يخطَفُها» [خ¦٦٢١٣] بالخاءِ المعجمة والطَّاءِ المهملة مقدَّمةٌ، من الاختِطاف، وفي كتاب التَّوحيد: «يَخْطَفُها» [خ¦٥٧٦٢] لكافَّتهم، وعند القابسيِّ وعُبدوس: «يحفَظها»، والصَّوابُ: «يخطَفُها»، وهو الصَّحيحُ في غيرِ هذا الموضِع لجمِيعِهم [خ¦٧٥٦١]، وفي كتاب الله تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ﴾ [الصافات: ١٠].

في حديث هاجَرَ وزمزمَ: «فجَعلَتْ تَحفِن» كذا للأَصيليِّ بالنُّون، ولغيرِه: «تَحفِرُ» [خ¦٣٣٦٥] بالرَّاءِ، وكلاهما له وجهٌ، و «تَحفِن» تَجمَع الماءَ بيدَيها معاً في سِقائِها، و «تحفِر» أي: تُعمِّقُ له، وهو أوجهُ هنا؛ بدليلِ الحديث الآخَر: «تُحوِّضُه» [خ¦٣٣٦٤] بالحاء المهملة؛ أي: تجعَل له حوضاً، ثمَّ بعد هذا قال: «وجعَلتْ تَغرِفُ في سِقائِها» [خ¦٣٣٦٤]، وبدليلِ قوله : «لو تَركَتْهُ كان عَيْناً مَعِيناً».

وفي الوقف: «مَن حفَر بئرَ رُومَةَ فله الجنَّةُ فحفَرتُها» [خ¦٢٧٧٨] كذا في نُسخِ البخاريِّ، وقيل: هو وهمٌ، والمعروفُ المشهورُ: «من اشتَرى بئرَ رُومَةَ» [خ¦٤٢/ ١ - ٣٦٧٢] وأنَّ عثمانَ اشتَراها ولم يحفِرها.

وقول أبي خَليفةَ: «كتَبتُ إلى ابنِ عبَّاسٍ أن يكتُبَ إليَّ ويُحفِيَ عنِّي»، ثمَّ ذكَر عنِ ابنِ عبَّاس: «أَختارُ له الأمورَ اختِياراً وأُحْفِي عنه» كذا روايتُنا فيه على أبي بحرٍ وأبي عليٍّ من شيوخِنا: بالحاءِ المهملة، وقيَّدناه عن ابنِ أبي جَعفر وعن التَّميميِّ بالمعجمة، وهو الذي صوَّبَه لنا بعضُ شيوخِنا من غيرِ روايةٍ وقال: لعلَّه بالخاء المعجمة، ومعناه عندي على هذا؛ أي: لا تُحدَّثني بكلَّ ما رَويتَه، ولكن أخْفِ عنِّي بعضَه ممَّا لا أحتَمِله ولا تراه لي صواباً، ويَعضُده قولُ ابنِ عبَّاس: «أختارُ له الأمورَ اختياراً».

<<  <  ج: ص:  >  >>