والمعافاةُ أن يعافِيَك الله من النَّاسِ، ويعافيَهم منكَ.
فصلُ الاخْتِلافِ والوَهم
في حفرِ الخندقِ:«حتى أعفَرَ بطنَه أو اغْبرَّ بطنُه» كذا لهم، وكذا ضبطَه بعضُهم بفتحِ بطنِه، ولأبي زيدٍ ولأبي ذرٍّ:«حتَّى أغْمَرَ بَطنَه أو اغبَرَّ»[خ¦٤١٠٤] كذا عندَ الأَصيليِّ، وقيَّدَه عبدوسٌ وبعضُهم:«اغمَرَّ» بتشديدِ الرَّاءِ ورفعِ بطنِه، وعندَ النَّسفيِّ:«حتَّى غَبَر بطنُه، أو اغبَرَّ» ووجهُ الميم هنا بمعنَى: سَتَرَ كما جاءَ في الحديثِ الآخرِ: «حتَّى وارَى عنِّي التُّرابُ بَطنَه» * [خ¦٢٨٣٧]، وأمَّا بتشديدِ الرَّاءِ ورفعِ بطنِه فبعيدٌ، وللفاءِ وجهٌ من العَفَرِ؛ وهو التُّرابُ، والأوجهُ: اغبرَّ؛ أي: علاه الغُبارُ.
وقوله:«وعِفُّوا إذ أعفَّكُم الله» كذا لهم ومعناهُ قد ذكرنَاه، وعندَ القَنَازعيِّ في «الموطَّأ»: «إذا عَفَّكم الله»، وليسَ بشيءٍ، وهو وهمٌ.
وقوله:«ومن يَستَعفِفْ يُعفَّه الله»[خ¦١٤٢٧] كذا يقولُه المحدِّثونَ، وكذا قيَّدناه عن أكثرِهم بالفتحِ، وكانَ بعضُ شيوخِنا يقولُ: مذهبُ سيبويهِ في هذا الضَّمُّ، وهو الصَّوابُ، وقد ذكرنَا علَّةَ سيبويهِ فيه في حرفِ الحاءِ.
العينُ مع القافِ
١٦٧٧ - (ع ق ب) قوله: «مُعَقِّبَاتٌ لا يخيبُ قائِلُهنَّ؛ ثلاثٌ وثَلاثون تسبيحةً … » الحديثُ، قال الهرويُّ وغيرُه: هي التَّسبيحاتُ دُبُرَ كلِّ صلاةٍ، كذا وكذا مرَّةً، سُمِّيت بذلك لإعادَتهنَّ مرَّةً بعدَ أخرَى؛ يريدُ وما ذكرَ بعدَها من الذِّكرِ، ومنه قوله تعالى: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ﴾ [الرعد: ١١] أي: ملائكةٌ يعقُبُ بعضُهم بعضاً، ومنه:«مَن شَاء أن يُعقِّبَ مَعَك فَليُعقِّب»[خ¦٤٣٤٩] التَّعقيبُ: الغزوةُ بإثرِ الأخرَى في سَنةٍ واحدةٍ.
ومنه قوله:«يَتَعاقَبُون فيكم ملائكةٌ»[خ¦٥٥٥] أي: يتداولُون ويجيءُ بعضُهم إثرَ بعضٍ، وهذا ممَّا جاءَ الضَّميرُ فيه مقدَّماً على اسمِ الجمعِ، على بعضِ لغاتِ العربِ، وهي لغةُ بني الحارثِ يقولون: ضربونِي إخوتُك، وأكلُونِي البراغيثُ، وهو قليلٌ.
وقوله:«وأنا العَاقِبُ»[خ¦٣٥٣٢] جاءَ مفسَّراً في الحديثِ «الذي ليس بعده نبيٌّ»؛ يعني: أنَّه جاءَ آخرَهم، قال ابنُ الأعرابيِّ: العاقبُ هو الذي يخلُفُ من قبلَه في الخيرِ.