وقوله:«ثمَّ يَسْرَحُ»[خ¦٤٠٩٣] يعني غنَمَه، سَرَحتُ الإبلَ مخفَّفاً فسَرَحَت هي، اللَّازمُ والواقعُ سَواء، قال الله تعالى: ﴿وَحِينَ تَسْرَحُونَ﴾ [النحل: ٦].
قيل: يريد أنَّ إبلَه لا تغِيبُ ولا تسرَح إلى المَرعَى كثيراً ولا بعيداً ليجِدَها قرِيبَة للضِّيفان فيَحلِبَها وينحَرَها، وقيل: بل المرادُ أنَّها لكَثرِ ما ينحر منها لا يَبقَى ما يسرح منها إلَّا قليلاً، وقد ذكَرْنا من هذا في حَرفِ الباء [ب ر ك]، وبَسطْنا مَعانِيه في كتاب «البُغيَة» في شَرحِ هذا الحَديثِ.
والسَّرحُ: الإبلُ والمَواشي الَّتي تسرح للرَّعي بالغَداةِ، ومنه:«أغار على سَرحِ رَسولِ الله ﷺ».
وقوله:«تَسْرَح من الجنَّةِ حيث تشاء … ونحن نَسْرَح في الجنَّةِ» أي: تنعم وتتردَّد في ثمارِها كسرح الإبلِ في المَراعِي، ومنه:«ترُوح عليهم بِسَارحةٍ لهم»[خ¦٥٥٩٠] أي: بماشِيَة سرحت في مَرعَاها.
٢٠٦٠ - (س ر د) قوله: «أسْرُدُ الصَّوم»[خ¦١٩٧٧] أي: أُوالِيه وأُتابِعه، ومنه قوله تعالى: ﴿وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ﴾ [سبأ: ١١] أي: في مُتابَعة الحلَقِ شيئاً بعد شيءٍ حتَّى تتناسَق، ومنه: فلانٌ يسْرُد الحديثَ، ومنه قول عائشَةَ:«لم يكن رسول الله ﷺ يَسْرُد الحديثَ سَرْدكم»[خ¦٣٥٦٨]، ومنه: سُمِّيت حِلَق الدِّرع سَرداً لتَناسُقِها بعضها ببعضٍ، وقيل: السَّردُ: سَمْرُ طرفَي الحلقةِ، ومنه: ﴿وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ﴾ [سبأ: ١١] أي: لا تجعَل المَسامِير رِقاقاً ولا غِلاظاً.
وذكر «السُّرَادِق»[خ¦١٥٢٢] هو الخباءُ وشِبهه، وأصلُه كلُّ ما أحَاطَ بالشَّيءِ، وقيل: هو ما يُدارُ حول الخِباءِ كالظُّلةِ ونَحوِها.
٢٠٦١ - (س ر ر) قوله: «هل صُمْت من سَرَر هذا الشَّهر؟»[خ¦١٩٨٣] بفَتحِ السِّين والرَّاء الأُولَى، كذا للكافَّةِ، وعند العُذريِّ وبَعضِهم بضمِّ السِّين، قال أبو عُبيدٍ: سرار الشَّهرِ آخِرُه، حيث يستَتر الهِلالُ، وسرر الشَّهر مِثلُه، وأنكَره غيرُه، وقال: لم يَأتِ في صَومِ آخرِ الشَّهرِ حضٌّ، وسرار كلِّ شيءٍ وسَطُه وأفضَلُه، فكأنَّه يريد الأيَّام الغُرَّ من وسَط الشَّهرِ.
وقال ابنُ السّكيت: سِرار الشَّهر وسَرار بالكَسرِ والفَتحِ، قال الفرَّاءُ: والفَتحُ أجوَد، قال الأزهريُّ: سُرَر الشَّهر وسِرارُه وسَرارُه ثلاث لُغَات.
وقال الأوْزاعيُّ وسعيدُ بنُ عبدِ العَزيزِ: سِرُّه أوّلُه، وقد جاء هكَذا في «مُصنَّف أبي داود» وغيرِه، وأثبَت بعضُهم: سِرَّه ولم يَعرِفه الأزهريُّ، قال أبو داوُد: قيل: سِرُّه: وسَطُه، وقيل: آخِرُه، وسرُّ كلِّ شيءٍ