وقوله:«فلم أتقارَّ أن قمتُ» أي: لم يُمكِّني قرارٌ ولا ثباتٌ حتَّى قمتُ.
وقوله:«أُقِرَّتِ الصَّلَاةُ بِالبِرِّ والزَّكاةِ» قيل: معناه قُرِنت؛ أي: إنَّها تُوجب لصاحبِها البرَّ، وهو الصِّدقُ وجِماعُ الخيرِ، والزَّكاةُ: التَّطهيرُ والمكانةُ في الدُّنيا والآخرةِ، ويَحتمِل أن يكونَ من القَرارِ بمعنى: أُثبِتَت معها، و «الباءُ» هنا بمعنى: «مع»، وإليه كان يذهبُ شيخُنا أبو الحسينِ ﵀؛ أي: ألزمتْ حُكمَها وسُويت معها.
١٩١٩ - (ق ر ط) قوله: «كأنَّهم القَرَاطيسُ» جمعُ قِرطاسٍ، وهو الصَّحيفةُ، قال ابنُ عرفةَ: العربُ تُسمِّي الصَّحيفةَ قرطاساً من أيِّ شيءٍ كانت، قال القاضي ﵀: تشبيهُه هنا المُخْرَجين من جهنَّمَ بعد اغتِسالهم وأنَّهم صاروا كالقَراطِيس دليلٌ على أنَّه أراد بها بياضَها، وهذا يدُّل على أنَّه لا يُقال إلَّا للأبيضِ منها، ومنه سُمِّي بعضُ خيلِ النَّبيِّ ﵊:«القِرطاس» لبياضِه.
وأمَّا هذه القَراطيسُ الكاغدُ المستعملَةُ اليومَ؛ فلم تكن موجودةً، وإنَّما صُنِعت بعد هذا بمدةٍ على ما ذكره أصحابُ الأخبارِ.
وقوله:«ستفْتَحون أرضاً يُذكرُ فيها القِيراطُ» يريدُ مِصرَ، و «القِيراطُ» جُزءٌ من الوزنِ، وهو عند أهلِ الحسابِ وسائرِ الفقهاءِ والموثِّقين، وعند أهلِ الفرائضِ في عُرفهم جُزءٌ من أربعةٍ وعشرين، وضَعوه لتقريبِ القِسمةِ؛ لأنَّ أربعةً وعشرينَ أكثَر الأجزاءِ؛ فلها نِصفٌ وثُلثٌ ورُبعٌ وسُدسٌ وثُمنٌ، والقِيراطٌ نصفُ دِرهمٍ على صرفِ الدِّيَاتِ وغيرِها، فيأتي في الدِّينارِ أربعةٌ وعشرونَ قِيراطاً، فوضَعوها للتَّقريبِ لمن لم يُحسِن عملَ الفرائضِ على وجهِها، والقِسمةِ على أصلِها.
وقوله:«كُتب له قِيرَاطٌ» * [خ¦١٣٢٣]، وفي الرِّوايةِ الأُخرى:«قِيراطانِ»[خ¦١٣٢٥]، وفُسِّر في الحديثِ:«إنَّ القِيراطَ مثلُ جبلِ أُحدٍ»[خ¦٤٧]، وكذلك قولُه في:«من اقتَنى كلْباً نقَص من أجرِه -أو من عملِه- كلَّ يومٍ قِيراطٌ»[خ¦٣٣٢٤]، ورُوي:«قِيراطان»[خ¦٥٤٨٠] إشارةٌ إلى جُزءٍ معلومٍ عندَ الله، وقد تكلَّمنا على اختلافِ الرِّواياتِ في الحديثَين والجمعِ بين قِيراطٍ وقِيراطين فيهما في «شرحِ مسلمٍ»، وكذلك قولُه في حديث:«مثَلُكم ومثَلُ الأُممِ … فَعَمِلوا … عَلى قِيراطِ» * [خ¦٥٥٧] هي إشارةٌ إلى جُزءٍ مَا، وتمثيلٌ بقدرٍ مَا غيرِ معلومٍ.
وقوله:«فَجعلَتْ المرأةُ تُلْقي قُرْطَهَا»[خ¦٥٨٨٣] قال ابنُ دريدٍ: ما عُلِّق من شحمةِ الأُذُن فهو قُرْطٌ، كان من ذهبٍ أو خرَزٍ.