وقيل: سُمِّي بذلك لجري دمِه على الأرضِ، والشَّهادةُ وجهُ الأرضِ، وقيل: بل لأنَّ الملائكةَ شهِدَته، وقيل: لأنَّه شُهِد له بوجُوبِ الجنَّة، وقيل: بل سُمِّي بذلك من أجل شاهدٍ على قَتلِه في سَبيلِ الله، وهو دمُه، كما جاء في الحَديثِ فيمن يُكلَمُ في سَبِيلِ الله.
و «الشَّهِيدُ» من أسماء الله تعالى، قال القُشيريُّ: معناه المَشهُود؛ أي: أنَّ العِبادَ يشهَدُونه ويعرِفُونه، ويحقِّقُون وجُودَه، وقيل: هو بمعنى: المُبيِّن الدَّلائل والحججِ، وقد قيل في قَولِه تعالى: ﴿شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ﴾ [آل عمران: ١٨] أي: بيَّن، قاله ثعلبٌ، ومنه سُمِّي الشَّاهد؛ لأنَّه يُبيِّن الحكمَ، وقيل مثله في معنى ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا﴾ [الأحزاب: ٤٥] أي: مُبيِّناً، وقيل: شاهداً على أُمَّتك بتَبليغِك إليها، وقيل: الشَّهيدُ معناه الَّذي لا يغيبُ عنه شيءٌ، شاهدٌ وشهيدٌ، كعالم وعليم، وقيل: الشَّاهدُ المظلُوم الَّذي لا شاهِدَ له، والنَّاصرُ من لا ناصرَ له.
وقوله:«يَشهَدُ إِذَا غِبنَا» أي: يحضُر، وقوله:«حتَّى يَطلُعَ الشَّاهِدُ» فسَّره في الحَديثِ: «النَّجم»، وبه سُمِّيت المَغرِب صلاة الشَّاهد، وقيل: بل لأنَّها لا تقصر في السَّفر وتُصلَّى كما تُصلَّى في الحضَرِ، فهي كصَلاةِ الحاضرِ أبداً خلاف غيرها.
وقوله:«يَشهَدُونَ ولا يُستَشهَدُونَ»[خ¦٣٦٥٠] قيل: بالبَاطلِ، وبما لم يَشهَدوا به، ولا كان، وقيل: معناه هنا يحلفون كذباً ولا يُستحلَفون، كما قال في الرِّواية الأُخرَى:«تَسبِقُ شَهادَةُ أَحدِهِم يَمينَهُ، ويَمينُهُ شَهادَتهُ»[خ¦٢٦٥٢]، والحلفُ: يُسمَّى شَهادَة، قال الله تعالى: ﴿فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ﴾ [النور: ٦] الآية.
وقوله:«كانُوا يَنهُونَا عن الشَّهادَةِ والعَهدِ ونَحنُ صِغَارٌ» * [خ¦٢٦٥٢] قيل: هو أن يحلِف بعَهدِ الله، أو يشهدَ بالله، كما قال في الرِّوايةِ الأُخرَى:«أَن نَحلِفَ بالشَّهادَةِ والعَهدِ»[خ¦٦٦٥٨]، وقيل: هو أن يحلِفَ إذا شهِدَ وإذا عاهَد، فإذا كان هذا فتكون «الواو» بمعنى: «مع»، أو تكون «الباء» بمعنى: «في»؛ أي: في الشَّهادة والعَهدِ.
وقولُ أبي هريرَةَ في قوله ﵇:«ودِدْتُ أنِّي أُقاتلُ في سبيلِ اللهِ فأُقْتَلُ ثمَّ أُحيا، ثمَّ أُقْتَلُ ثم أحيا، ثم أقتل، وكان أبو هُريرَةَ يقول ثلاثاً: أشهدُ بالله، قيل: أشهد بالله أنَّ رسولَ الله ﷺ قالها ثَلاثاً»[خ¦٧٢٢٧] أي: أحلِفُ.
وقوله:«شَاهِدَاكَ أَو يَمينُهُ»[خ¦٢٦٧٠] كذا الرِّوايةُ، وهو كلامُ العَربِ، قال سِيبُويه: معناه ما قال شاهداك، ارتَفَعا بفِعْلٍ مُضمَرٍ.
٢٢٣٤ - (ش هـ ر) قوله: «إنَّما الشَّهرُ تِسعٌ وعِشرونَ» قيل: المرادُ بالشَّهرِ هنا الهِلال،