يذبَحون ما يُمكِن ذبحُه بها، وذلك تعذيبٌ وخنقٌ ليس على صُورة الذَّبحِ، فلهذا نُهي عنه، وقد اختَلَف الفُقَهاءُ في الذَّبح بهما أعني السِّنَّ والظُّفُرَ كانا متَّصلَين أو مُنفَصِلَين، على ما بسَطْناه من مذهَبِنا ومذاهبهم في شَرحِنا لمسلمٍ، والظُّفرُ من الإنسان وكلِّ حيوانٍ بضمِّ الظاء وتُسكن الفاء وتُضَمُّ، قال ابنُ دُرَيد: ولا تُكسَر الظَّاء، ويقال: أُظفُور أيضاً، وسنَذْكُره في الفَصْل بعدَه في قوله:«قُسْطٍ وأظْفَارٍ» والخلاف فيه.
قوله في الدَّجَّالِ:«وعلى عَيْنِه ظَفَرَة» بفتح الظَّاء والفاء؛ هي لحمَةٌ تنبُتُ عند المآقي كالعَلَقَة، وقيل: جُلَيدة تُغشي البصَر، وكذا قيَّدناه عن شيُوخِنا، وعند ابنِ الحذَّاء:«ظُفْرة» بضمِّ الظَّاء وسُكون الفاء، وليس بشَيءٍ.
١٠٣٩ - (ظ هـ ر) قوله: «والشَّمسُ في حُجْرَتِها قبل أن تَظهَر»[خ¦٥٢٢] بفَتحِ التَّاء والهاءِ، قيل: معناه تَعلُو على الحيطانِ، وتزُولَ عنِ الحُجرَةِ، وتَرتفِعَ عنها، منَ الظُّهور وهو العُلو، قال الله تعالى: ﴿فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ﴾ [الكهف: ٩٧]، وقد جاء مُفسَّراً في الرِّواية الأُخْرى، وهو «والشَّمسُ واقِعةٌ في حُجْرتي، لم يَظْهَرِ الفيءُ بعدُ» كذا في رِوايَةِ مُسلمٍ عن ابنِ أبي شَيبةَ، والبُخاريِّ عن أبي نُعَيمٍ [خ¦٥٤٦]، ولغَيرِهما:«لم يَفِئِ الفَيءُ بَعْدُ» يريد فَيْءَ الحُجرة كلِّها، وعند ابنِ عيسى للرَّازي في حَديثِ مالكٍ:«قبل أن يَظْهَر الفَيْءُ»، ولِغَيرِه:«قبل أن تَظهَر»، كما جاء في «الموطآت»، وكذا ذكَره البُخاري [خ¦٥٤٦] عن مالكٍ ومَن تابَعَه، وقيل: معناه لم يرتَفِع ظِلُّ الحُجرَة على الجُدُر، وقد جاء هذا أيضاً مفسَّراً في الحديثِ عند مُسلمٍ:«لم يَرتَفِع الفَيء من حُجرَتِها» كذا عندَ ابنِ ماهانَ والسِّجزي في حَديثِ حَرْمَلةَ، وعندَ غَيرِهِما:«في حُجْرَتِها»، وعندَ البُخاريِّ من روايةِ [أبي] أُسامَةَ: «لم تخرُج من قَعرِ حُجْرَتِها»[خ¦٥٤٤]، وفي رواية أنسِ بنِ عِيَاضٍ عِندَه:«والشَّمس لم تخرُجْ من حُجرَتها»[خ¦٥٤٤]، والمعاني مُتقارِبة، وكلُّه راجعٌ إلى أنَّ الفَيءَ لم يعُمَّ الحُجْرةَ، حتَّى ارتفَع على حِيطَانها، وبَقِيتِ الشَّمس على الجُدُر.
ومثلُه قولُ ابنِ عُمرَ ﵄:«ظهرتُ على ظَهْر بيتٍ لنا» * [خ¦١٤٩] أي: علَوتُ، وقيل: معنى تظهر: تزول، كما قال:«فتلك شَكَاة ظاهرٌ عنك عارُها»[خ¦٥٣٨٨] أي: زائل، وهو راجع إلى معنى؛ أي: مرتفع عنك.