وفي حَديثِ الهِجْرة:«أسرَينا لَيلتَنا ويَوْمَنا حتَّى ظَهَرْنَا» كذا لهم، وعند أبي ذَرٍّ:«أَظْهَرْنا»[خ¦٣٦٥٢]، فظَهَرْنا بمعنى: علَوْنا؛ أي: في سَيرِنا، ويكون ظَهَرْنا أيضاً بمعنى: فُتْنا الطَّالب، يقال: ظهَرْتَ عنه إذا فُتَّه، وأظْهَرْنا: صِرْنا في الظُّهْر وفي الظَّهيرة؛ أي: سِرْنا فيها، وهو بمعنى قولِه بعدُ:«وقَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ»[خ¦٣٦٥٢].
وذكر:«الظَّهَائر»[خ¦٥٤٢]، و «نَحْر الظَّهِيرَةِ»[خ¦٢٦٦١]، الظَّهِيرةُ هي ساعةُ الزَّوال، وشِدَّةُ الحرِّ، وقال يعقوبُ: هي نِصف النَّهار حين تكونُ الشَّمسُ حَيالَ رَأسِك وتركُد في القَيظ، وهو الظُّهر أيضاً، وبه سُمِّيت صلاة الظُّهر، وجمعها ظهائرُ، و «نحر الظَّهِيرَةِ» مثلُ «قَائِمُ الظَّهِيرَةِ»، وقيل: نحرُها أوَّلها.
وقوله:«لم ينسَ حقَّ الله في ظُهُورِها»[خ¦٢٣٧١] قال غيرُ واحدٍ -وبعضُهم يزيدُ على بَعضٍ-: من حقُوقها: ركوبُ ظهُورِها غيرَ مَشقوقٍ عليها، وألا تحمَّلَ فوق طاقَتِها، ومنها الحملُ عليها، ومنها إعارةُ فَحلِها، وقيل: يتصدَّق ببعض ما يَكسِب عليها.
وقوله:«ظهَرْتُ به لحاجَتِي» أي: جعَلْتُه وراء ظَهْري، ويقال فيه: أظْهَرْت أيضاً، قال أبو عُبيدَةَ: وهو اسْتِهانَتُك بها.
وقوله عن عليٍّ:«بارَز وظاهَر»[خ¦٣٩٧٠]، وفي الحديثِ الآخرِ:«ظاهَر النَّبيُّ ﷺ بين دِرْعَين»، هو لباسُ دِرْعٍ فوقَ أُخرَى، وقيل: معناه طارَق بينهما؛ أي: جعَل ظَهْر إحداهما لِظَهْر الأُخرَى، وقيل: عاوَن، والظَّهِيرُ: العَوِين؛ أي: قوَّى إحدَاهما بالأُخرَى في التَّوقِّي، ومنه قوله تعالى: ﴿تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم﴾ [البقرة: ٨٥] أي: تتعاوَنُون، وقوله:«ولا يزالُ معَك منَ الله ظَهِيرٌ» أي: عَوِين، والظِّهارُ والمُظاهَرةُ وظاهَر منِ امرأته إذا قال لها: أنتِ عليَّ كظهرِ أُمِّي، يقال: ظاهَر منها وتَظَهَّر وتظاهَر.
وقوله:«إنِّي مُصْبِحٌ على ظَهْرٍ»[خ¦٥٧٢٩] أي: على سَفرٍ راكباً الظَّهرَ، وهي دوابُّ السَّفرِ، ومنه قوله:«كان يجمَعُ … إذا كان على ظَهْرٍ يَسِيرُ»[خ¦١١٠٧] أي: في سَفر راكباً