الكِنانيُّ روايةَ البُخاريِّ، قال: ولعلَّ ما في كتابِ مسلمٍ: «ولن تَعَدَّى» فزيدَتِ الألفُ وهماً، قالَ القاضِي ﵀: الوجهانِ صحيحانِ إن شاءَ الله؛ لن تَعدوَ أمرَ الله -أنتَ- في خيبتِك ممَّا أمَّلتَه من النبوَّةِ، وهلاكِك دونَ ذلك؛ أي: فيما سبقَ أمرُ الله وقضاؤُه فيه من شقاوتِه، ولن أعدوَ -أنا- أمرَ الله فيك؛ من أنِّي لا أجيبُك إلى ما طلبتَه ممَّا لا ينبغي لك من الاستخلافِ أو الشَّرِكةِ، ومن أن أُبَلِّغَ ما أُنزلَ إليَّ وأدفعَ أمرَك بالتي هي أحسنُ.
وقولُه في حديثِ كعبٍ:«لِيَتأهَّبُوا أُهبَة عدوِّهم»[خ¦٢٩٤٨] كذا لابنِ ماهانَ، ولسائرِ الرُّواةِ:«غَزِوهم»[خ¦٤٤١٨] بالزَّايِ، وهما صحيحانِ.
العينُ مع الذَّالِ
١٥٩٨ - (ع ذ ب)«إنَّ الميَّت لَيعذَّب ببُكاءِ أَهلِه عليه»[خ¦١٢٨٦] قيلَ: هوَ على وجهِه إذا كان ذلك بأمرِه ووصيَّتِه، وقيلَ: ذلك كانَ خاصَّاً في كافرٍ أي: أنَّه يُعذَّب وهم يبكونَ عليه، وهو تأويلُ عائشةَ، وقيل: إنَّه ليعذَّبُ بذلك؛ أي: يُشفِقُ منه إذا سَمِعه ويرقُّ له قلبُه، وهو دليلُ حديثٍ قبلَه، وقيل: هو تقريرُه وتوبيخُه على ما يُثنَى به عليه ويُندَبُ، وقيل: يعذَّبُ بالجرائِم التي اكتسبَها من قتلٍ وغصبٍ وظلمٍ، وكانت الجاهليَّة تُثني به على موتاها.
١٥٩٩ - (ع ذ ر) قولُه: «استَعْذَر من ابنِ سَلُول»[خ¦٢٦٦١]، وقولُه:«مَن يعذِرُنِي من رَجُلٍ»[خ¦٢٦٦١] قالَ في «البارعِ» أي: من ينصُرُنِي عليه، والعَذِيرُ: النَّاصرُ، وقال الهرويُّ: معناه من يقومُ بعذرِي إن كافأتُه على سوءِ فعلِه، ويقال: عَذَرْتُ الرَّجلَ وأعذرْتُه: قبلتُ عُذْره وعُذُرَه وعِذْرتَهُ ومَعْذِرتَهُ، وعَذَرَ الرَّجلُ وأعذرَ: إذا أذنبَ فاستحقَّ العقوبَةَ، وعَذَر: إذا أبلَى عُذراً، وعَذَّر: قصَّر، وأعذرَ وعَذَّر: كثُرتْ عُيوبُه.
وقوله:«العَذرَاء»[خ¦٣٥٢٦]، و «العَذارَى»[خ¦٥٠٨٠] هنَّ الأبكارُ من النِّساءِ، وعُذْرتُهنَّ: بَكَارتُهنَّ، وبذلك سُمِّين: عَذارَى، وبه سمِّيت الجامعةُ من الأغلالِ عذراءَ لضِيقِها، وقيل: لكلَّ أمرٍ ضاقَ إليه السَّبيل: تَعذَّرَ.
وقوله:«أعْلَقْتُ عليه مِن العُذرة»[خ¦٥٧١٣] بضمِّ العينِ؛ قال ابنُ قتيبةَ: هي وَجَعُ الحَلقِ، وقالَ أبو عليٍّ: العُذْرةُ اللَّهَاةُ، وقالَ غيره: هو قريبٌ من اللَّهاةِ،