وقوله:«وأن يَحتبيَ في ثَوبٍ» و «حَلَلتُ حُبْوَتي»[خ¦٤١٠٨] الاحتِباء: هو أن ينصِب الرَّجل ساقَيه ويُدِير عليهما ثوبَه أو يَعقِد يدَيه على رُكبَتيه مُعتمِداً على ذلك، والاسمُ: الحُبوةُ والحِبوةُ والحِبيَةُ، بضمِّ الحاء وكسرِها.
وقوله:«فأَخذَ بحُبْوَتي»، و «بحُبْوَة ردائي» أي: مُجتَمَع ثوبِه الذي يحتَبي به ومُلتقَى طرفَيه في صَدره. وقوله:«ما اشتَرط المُنكِحُ … مِن حِباءٍ» ممدودٌ: يريد عطيَّة، حباه يحبُوه: أعطاه.
فصلُ الاخْتلافِ والوَهمِ
في سورة النُّور:«لو كانوا من الأوسِ ما أحببتَ أن تُضربَ أعناقُهم»[خ¦٤٧٥٧] كذا لهم، وعند أبي ذرٍّ:«ما أحسَب»، والأوَّل أصحُّ.
وقوله في حديثِ الدُّعاء على قريش:«وكان يستحبُّ ثلاثاً» كذا لابن أبي جعفر بالباء بواحدة، ولسائر الرُّواة بالثَّاء بثلاثة، وكلاهما له وجه: بالثَّاء المثلَّثة؛ أي: يؤكِّد ويستعجِل الدُّعاء، وبالباء بواحدة؛ أي: يستَحسِن هذا ويختاره، وهذا أظهر في الباب؛ لقوله في الحديث الآخَر:«كان إذا دعا دعا ثَلاثاً، وإذا سألَ سألَ ثلاثاً» وفي الحديث الآخَر: «فكرَّرَ ثلاثاً»[خ¦٢٦٥٤].
في الحديث:«حين لا آكلُ الخَميرَ ولا ألبَسُ الحَبيرَ»[خ¦٣٧٠٨] كذا للأَصيليِّ والقابسيِّ والحمُّوييِّ والنَّسفيِّ وعُبدوسٍ في كتاب المناقب بالباء، ولغيرهم:«الحرِير»[خ¦٥٤٣٢] براءَين مهملتَين، وكذا عندهم دون خلاف في كتاب الأطعمة، وصوابه:«الحبير» بالباء، وهو الثَّوب المحَبَّر، وقد فسَّرناه.
وفي الحديث الآخَر:«وعليه حُلَّةُ حبر»[خ¦٣٨٦٤] كذا لكافَّتهم، وعند الجرجانيِّ:«حَرير»[خ¦٣٨٠٢]، وقد فسَّرنا «الحبرة».
وقوله في الجنَّة:«ويرى ما فيها من الحَبَر» كذا هو بفتحِ الحاء المهملة وفتحِ الباء بواحدة للجيَّاني في كتاب مسلم، ومعناه: السُّرور، ولسائر الرُّواة:«من الخَير» بالخاءِ المعجمة وياءِ العِلَّة، وكلاهما صحيحُ المعنى، والأوَّلُ أظهرُ هنا، وكذا رواه البخاريُّ:«من الحَبْرةِ والسُّرورِ»[خ¦٧٤٣٧] وهي المسرَّة، و «الحَبْرة» النِّعمة أيضاً، وكلاهما متقارِب، والحَبَر والحَبَار: الأثَر، وبه سُمِّيت المسرَّة لظهور أثَرها في وجه صاحبِها.
وفي (باب أداء الخُمس من الإيمان): «فمُرْنا بأمرٍ فَصْلٍ نَحْبُوا به مَنْ وراءَنا» كذا في رواية بعضِهم عن البخاريِّ: بالباءِ المضمومة بواحدةٍ بين الحاءِ المهملة الساكنة والواو،