في حديثِ عبد الله بن عَمرِو بنِ العاصِ من روايةِ محمَّدِ بنِ رافعٍ:«فلا تَغفَل فإنَّ لعَينِكَ عَليك حقاً» كذا سمعناه من الصَّدفيِّ عن العُذريِّ: بالغينِ المُعجمةِ أوَّلاً وفاءٍ بعدَها، وروايةُ الكافَّة:«فلا تفعَلْ»[خ¦١٩٧٥] بتقديم الفاءِ والعينِ المهملةِ، وهو الصَّوابُ، لموافقتِه سائرَ الأحاديثِ، ولصحَّةِ المعنَى.
وفي بعضِ رواياتِ البُخاريِّ:«فاغْفرِ الأنصَار والمُهاجِرَة» والمشهورُ في غيرِها: «فاغْفِر للأنصارِ»[خ¦٤٢٨] أو: «فارحَمِ الأنصَار»[خ¦٣٩٠٦] و «فأَصلِح الأنصَار»[خ¦٣٧٩٥] وأكثرُ ما تُستعمَل المغفرةُ مع حرفِ الجرِّ والصِّفةِ، لكن وجهُ هذا؛ أي: استُر الأنصارَ برحمتِك ومغفرتِك، وأصلُ المغفرةِ -كما ذكرنا- السِّترُ.
وفي لُبثِ النَّبيِّ ﷺ بمكَّةَ وأنَّ ابنَ عبَّاسٍ قَال:«ثلاثَ عَشَرة سنَةً فَغَفَّره» كذا للسَّمرقنديِّ والسِّجزيِّ؛ معناهُ؛ قال: غفرَ الله له، ولابنِ ماهانَ:«فصغَّره» أي: وصفَه بالصِّغَرِ وعدمِ الضَّبطِ إذ ذاك.
في شروطِ السَّاعةِ في كتابِ مسلمٍ:«فَجَاء رجلٌ فَقال: استَغفِر لمُضَرَ؛ فإنَّهم قَد هَلَكوا، فقال ﵇: لمضَر؟! إنَّك لَجريءٌ» كذا في جميعِ نسخِ مسلمٍ، وعندَ البُخاريِّ:«استَسقِ لمُضرَ»[خ¦٤٨٢١] قال بعضُم: هو الصَّوابُ والأليقُ، قال القاضي ﵀: الأليقُ عندِي ما في كتابِ مسلمٍ؛ لإنكارِ النَّبيِّ ﷺ ذلكَ على السَّائلِ لكفرِهم، ولو كانَ سألَه الاستسقاءَ لهم لما أنكرَه؛ لأنَّه ﵇ قد فعلَه ودعا لهم.
الغينُ معَ السِّينِ
١٧٦٨ - (غ س ل) قوله: «غَسَّلنا صَاحِبَنا» بتشديدِ السِّينِ؛ أي: أعطيناه ما يغتَسلُ به، وذُكِر:«الغسلُ من الجنابةِ»[خ¦٢٥٦] وغيرِها، قالوا: هو بالفتحِ اسمُ الفعلِ، وبالضَّمِّ اسمُ الماءِ، وهو قولُ أبي زيدٍ، وقد قيل فيهما جميعاً اسمُ الفعلِ، وهو قولُ الأصمعيِّ.
وقوله:«اغْسِلْنِي … بالماء والثَّلجِ»[خ¦٧٤٤] أي: طهِّرْني من الذُّنوبِ كما يُطهَّر ما غُسِل بالماءِ والثَّلجِ والبردِ، وكررَ هذا على المُبالغةِ في التَّطهيرِ بالغفرانِ والرَّحمةِ.
وقوله:«وأنزلتُ عليكَ كتاباً لا يَغسِلُهُ الماءُ» قيل: معناه لا يفنَى ولا يَدرُسُ، وقيل: لا يُنسَى حفظُه من الصُّدورِ، ولو مُحيَ كتابُه وغُسِل بالماءِ.