للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الكَذبِ: الانصرافُ عن الحقِّ، ومعناه هنا على هذا: انصَرَفْتم عنِّي ولم تحمِلُوا معي، وقيل: معناه: أمكَنْتُم من أنفُسِكُم، وأصلُ الكَذبِ عندَه الإمكانُ؛ أي: أمكَن الكاذبُ من نَفْسِه.

فصلُ الاخْتلافِ والوَهمِ

قوله: «كذَاكَ مُناشَدَتُك ربَّك» كذا لهم، وعند العذريِّ: «كَفَاك» بالفاءِ، وهما بمعنًى، قال ابنُ قُتيبَةَ: معناه: حَسبُك، وكذا جاء في البُخاريِّ: «حَسْبُك» [خ¦٢٩١٥]، ويشْتَبِه به قولهم: «إليك عَنِّي» [خ¦١٢٨٣] أي: تَنحّ عنِّي، وأنشَد:

فقُلْنَ وقد تلاحَقَتِ المَطايا … كذاك القَول إن عليك عينا

معناه: كُفَّ القولَ، قال غيرُه: الصَّوابُ «كذاك» أي: كفَّ، قال: ويكون «كذاك» بمعنى «دون» في غيرِ هذا، قال القاضي : ويصِحُّ هنا أيضاً؛ أي: دون هذا الإلحاحِ في الدُّعاءِ والمُناشَدةِ وأقَلُّ منه يَكفِيك، وانتصَب «مُناشدتك» بالمفعولِ بمعنى ما فيه من الكَفِّ والتَّركِ.

قوله في كتابِ مُسلمٍ: «نَحنُ نَجِيءُ يومَ القِيَامَةِ عَن كَذَا وكَذَا -انْظُرْ- أيْ ذلك فوقَ النَّاسِ؟» كذا في جَميعِ النُّسخِ، وفيه تغيِيرٌ كثِير أوْجَبَه تحرِّي مُسلِم في بَعضِ ألفاظِه، فأشكَلت على مَن بعده وأدْخَل بينهما لفظة «انظر» الَّتي نبَّه بها على الإشكال وظُنَّ أنَّها من الحديثِ، والحديثُ إنَّما هو: «نحن يوم القيامة على كَوْمٍ فوقَ النَّاسِ» فتَغيَّرت لفظة «كَوْم» على مُسلمٍ أو راوِيه له أو عنه فعبَّر عنها «بكذا وكذا» ثمَّ نبَّه بقوله: «انْظُرْ أي فوق النَّاس»، أو كان عنده: «فوق النَّاس» على ما في بَعضِ الحديِث، فجاء مَن لم يَفهمِ الغرضَ وظنَّه كلَّه من الحديثِ فضمَّ بَعضَه إلى بعضٍ، وقد ذكَره ابنُ أبي خَيثَمَة: «تُحشَر أمَّتي على تَلٍّ»، ورواه الطَّبريُّ في «التَّفسير»: «فيَرْقَى محمَّدٌ وأمَّتُه على كَوْمٍ فوقَ النَّاس»، وذُكر أيضاً في حَديثٍ آخَر: «فأكون أنا وأمَّتي على تَلٍّ».

في المَواقيتِ: «فمَن كان دُونَهُنَّ فمِنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>