وفي الحديثِ الآخر:«ما سُقِيَ … بالغَيْل ففيه العُشْر» الغَيلُ -بفتحِ الغينِ-: الماءُ الجاري على وجهِ الأرضِ من الأنهارِ والعُيونِ، قال أبو عبيدٍ: الغَلَل والغَيْل: الماءُ الجارِي الظَّاهرُ.
وقوله:«قُتِل غِيلَةً»[خ¦٦٨٩٦]، و «لا تغتالونه»، «أو اغتِيلَ» أي: يقتلونَه في خُفيةٍ، والغِيلةُ: القتلُ بمُخادعةٍ وحيلةٍ؛ بكسرِ الغينِ لا غير.
وقوله:«لا دَاء ولا خِبثَة ولا غَائِلَة»[خ¦٦٩٨٠] أي: لا خديعةَ ولا حيلةَ، قال الخطَّابيُّ: الغائِلةُ في البيعِ، كلُّ ما أدَّى إلى تلفِ الحقِّ، وذكرَه بعضُهم في ذواتِ الواوِ، وفسَّره قتادةُ في كتابِ البخاريِّ:«الغَائلةُ: الزِّنا والسَّرقةُ والإِباقُ»، والأشبَه عندِي أن يكونَ تفسيرُ قتادةَ راجعاً إلى الخِبثةِ والغائلةِ معاً.
١٧٨٤ - (غ ي ن) قوله: «إنَّه ليُغانُ على قَلبي حتَّى أستغفرَ الله كذا وكذا مرَّةً» يعني أنَّه يُلبَّس عليه ويُغطَّى، قيلَ ذلك بسببِ أمَّته، وما أُطْلِعَ عليه من أحوالِها بعدَه حتَّى يستغفرَ لهم، وقيل: إنَّه لما يَشغَلُه من النَّظرِ في أمورِ أمَّته ومصالِحهم، ومحاربةِ عدوِّه، ومداراةِ غيرِه للاستيلافِ، حتَّى يرى أنه قد شُغِل بذلك، وإن كانَ في أعظمِ طاعةٍ وأشرفِ عبادةٍ عن ملازمةِ مقاماتهِ، ورفيعِ درجاتِه، وفراغِه لتفرُّدِه بربِّه، وخلوصِ قلبِه وهَمِّه عن كلِّ شيءٍ سواه، وإنَّ ذلك غضَّ من حالتِه هذه العليَّة فيستغفرُ الله لذلك.
وقيل: هو مأخوذٌ من الغَينِ، وهو الغيمُ والسَّحابُ الرَّقيقُ الذي يَغشَى السَّماءَ، فكانَ هذا الشُّغل أو الهمُّ يُغشِّي قلبَه، ويُغطِّيه عن غيرِه حتَّى يستغفرَ منه، وقيل: قد يكونُ هذا الغَينُ: السَّكينةَ التي تَغشَى قلبَه لقوله تعالى: ﴿فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ﴾ [التوبة: ٤٠]، واستغفارُه لها إظهاراً للعبوديَّةِ والافتقارِ، وقد يحتملُ أن تكونَ حالُه خشيةً وإعظاماً تُغَشِّي القلبَ، واستغفارُه شكراً لله وملازمةً للعبوديَّةِ، كما قال:«أَفَلَا أَكُونُ عَبْداً شَكُوراً»[خ¦١١٣٠].
١٧٨٥ - (غ ي م) قوله: «فيما سَقَتِ الأنهارُ والغَيمُ العُشرُ» كذا في حديثِ أبي الطَّاهرِ عندَ مسلمٍ، ومعناه: المَطرُ، مثل قولِه في الحديثِ الآخرِ:«فيمَا سَقَت السَّماء العُشْر»، والغَيمُ: السَّحابُ الرَّقيقُ.
وقوله:«والسَّماءُ مُغِيمَةٌ» بِكسرِ الغَينِ، ويروَى بفتحِها وفتحِ الياءِ وبكسرِ الياءِ أيضاً، كذا ضبطنا هذا الحرفَ عن شيوخِنا في «الموطَّأ» وكلُّه صَحيحٌ، وقد قدَّمنا أنَّه يقال: غَيَّمتِ وأَغَامَت كلُّه إذا كانَ بها غمامٌ.
١٧٨٦ - (غ ي ض) قوله: «لا تَغِيضُها نَفَقَة»[خ¦٤٦٨٤] أي: لا تُنقِصُها ولا يقلُّ عطاؤُها،