والإسناد، ويحتجُّ به الأديبُ في مُذاكَرته، كما يَعتَمِد عليه المُناظِر في مُحاضَرتِه.
وسيَعلَم مَن وقَف عليه مِن أهل المَعرفةِ والدِّراية قَدْرَه، ويُوفِّيه أهلُ الإنصاف والدِّيانة حقَّه، فإنِّي نخَلتُ فيه مَعلُومي، وبثَثتُ فيه مكتُومي، ورصَّعتُه بجواهرَ مَحفُوظي ومَفهُومي، وأودَعتُه مَصوناتِ الصَّنادق والصُّدور، وسَمحت فيه بمَضنُونات المشايخِ والصُّدور، ممَّا لا يُبِيحُون خَفِيَّ ذِكْره لكلِّ ناعقٍ، ولا يَبوحون بسرِّه في مُتداوَلاتِ المَهارقِ، ولا يقلِّدون خَطِيرَ دُرِّه إلَّا لَبَّات أهلِ الحقائقِ، ولا يرفَعُون منها رايةً إلَّا لمن يتلقَّاها باليَمينِ، ولا يودِعُون منها آيةً إلَّا عند ثقةٍ أمِينٍ.
وقد ألَّفته بحُكم الاضطرار والاختيار، وصنَّفته مُنتَقِي النُّكتِ من خِيار الخيارِ، وأودَعْتُه غرائبَ الوَدائعِ والأسرارِ، وأطلَعتُه شمساً يُشرِقُ شُعاعُها في سائر الأقطارِ، وحرَّرتُه تحريراً تحارُ فيه العُقول والأفكارُ، وقرَّبتُه تقرِيباً تتقلَّب فيه القلوبُ والأبصارُ، وسَمَّيته:
بـ «مشارق الأنوار على صحاح الآثار».
وإلى الله جلَّ اسمُه أرغَبُ في تَصحيحِ عَملي ونيَّتي، وإليه أبرَأُ من حَولي وقُوَّتي، ومنه أستَمِدُّ الهِداية لهمَّتي وعَزمَتي، وإيَّاه أسألُ العِصمةَ والوِقايةَ لجُملَتي، والعفوَ والغُفران لذَنبِي وزَلَّتي، إنَّه مُنعِمٌ كرِيمٌ.
بابُ ذكرِ أسَانيدِي في هذه الأصُولِ الثَّلاثةِ
ورأيتُ ذِكرها ليُعلم مخرجُ الرِّواية الَّتي أنصُّ عليها عند الاختلاف، أو أضيفُها إلى راويها؛ ليكُونَ الواقفُ عليها على أثارةٍ من عِلْمها.
١ - فأمَّا الكتابُ «المُوَطَّأ» للإمام أبي عبدِ الله مالكِ بنِ أنسٍ الحِمْيريِّ ثمَّ الأصْبحيِّ النَّسَب، القُرشيِّ ثمَّ التَّيميِّ بالحِلْفِ، الحجازيِّ ثمَّ المدنيِّ الدَّار والمَولِد والمَنشَأ، من رواية الفقيه أبي