و «لا تَناجَشُوا»[خ¦٢١٤٠] والنَّاجِشُ: آكلُ رباً؛ قيل: هو مدحُ السِّلعةِ والزِّيادةُ في ثمنِهَا وهو لا يريدُ شراءَهَا، بل ليَغُرَّ غيرَهُ، فنُهيَ عن فعلِ ذلك، والبيعِ به، وأَكْلِ ثمنِهِ، والجُعْلِ عليه، وقيل: النَّجْشُ: التَّنفيرُ، وقيل: المدحُ والإطراءُ، فيمدَحُ سلعتَهُ ليُنفِّرَ عن غيرِهَا، والأوَّلُ في البيعِ أشهرُ.
وأمَّا في حديثِ:«لا تَباغَضُوا»[خ¦٦٠٦٦] فالأشبَهُ فيه أنْ يكونَ من هذا؛ أي: لا تَنافَروا ولا يُنفِّرَ بعضكُم النَّاسَ بذمِّهِ لأخيه عن وِدِّه، لكنْ في الحديثِ الذي فيه أيضاً:«ولا يبِعْ بعضُكم على بيعِ بعضٍ»[خ¦٢١٥٠] تكون المُناجَشَةُ من نَجَشِ البيع.
١٣١٤ - (ن ج و) وقوله: «نهى عن الاستنجاءِ باليمين»[خ¦٤/ ١٨ - ٢٧٠] والاستنجاءُ: هو إزالةُ النَّجْو، وهو العُذْرَةُ، وأكثرُ ما يُستعمل في إزالتِهَا الماء، وقد يُستعمل في إزالتِهَا الأحجارِ، وأصلُهُ من النَّجْوِ، وهو القَشْرُ والإزالةُ، وقيل: من النَّجْوةِ، والنَّجْوةُ: هو ما ارتفعَ من الأرضِ لاستتارهم لذلك بها، وقيل: لارتفاعِهِم وتجافِيهِم عن الأرضِ عندَ ذلك.
وقوله:«أنا النَّذيرُ فالنَّجَا»[خ¦٦٤٨٢] مقصورٌ مفتوحُ النُّونِ، كذا جاءَ في الحديثِ، يعني: التَّخلُّصَ. وكذلك النَّجاةُ بالتَّاءِ، ويقال: بالمدِّ [خ¦٧٢٨٣] أيضاً. حكاهما أبو زيدٍ وابنُ ولَّادٍ، والمدُّ أشهر إذا أفردُوه، فإذا كرَّرُوه فقالوا: النَّجا النَّجا، فالوجهانِ معروفان: المدُّ والقصرُ؛ قال ابنُ ولاَّدٍ: وقد يُقصَرُ، وفي «الأفعال»: نَجَا من المكروه، ونَجَا: خَلَصَ، وكلُّ شيءٍ أسرعُ، قال أبو عليٍّ: النَّجاءُ: السَّلامةُ، ممدودٌ لأنَّه مصدرٌ، وهو عندي بمعنى: سبَقَ وفاتَ.
وقوله:«فانْجُوا عليها بِنِقْيِها» أي: أسرعُوا عليها ما دامتْ قويةً على السَّيرِ، سمينةً قبل أن تَهزُلَ وتَضعُفَ، فيُنقَطَعَ بكم، والنِّقْيُّ: الشَّحمُ، وأصلُهُ مخُّ العظام.
وقوله:«ورسولُ الله ﷺ نَجِيٌّ مع رجلٍ»، و «لعلَّه معهم نجِيٌّ» بكسرِ الجيمِ مشدَّدُ الياء؛ أي: مسارِرٌ، يُقال ذلك للواحدِ والاثنَينِ والجميعِ، ومثلُ هذا جاء في رواية الأَصِيليِّ في تفسيرِ قولِهِ تعالى: ﴿خَلَصُواْ نَجِيّاً﴾ [يوسف: ٨٠] قال: «والجميعُ: نجيٌّ وأنْجيةٌ»، وهي أبينُ من روايةِ غيرِهِ، وفي روايةِ غيرِهِ:«وجمع النَّجيِّ أنْجيةٌ» * [خ¦٦٠/ ٢١ - ٥٢٠٥] وأمَّا الهَرويُّ فقال عن الأزهريِّ: «النَّجيُّ جمع أنْجيةٍ»، وكذلك: نَجْوى، وقيل: نَجِيٌّ جمع ناجٍ، مثل: غازٍ وغَزِيٍّ، وقيل: نَجْوى، ومنه:«لا يَتَناجى اثْنانِ دونَ واحِدٍ»[خ¦٦٢٨٨]، وحديثُ النَّجْوى في الآخرِةِ معناه: تقريرُ اللهِ العبدَ على ذنوبِهِ في سَتْرٍ عن النَّاس.