وقوله في حديثِ الدَّجَّالِ:«إنْ قتلتُ هذا وأحييتُه أتشكُّونَ في الأمرِ؟ قالوا: لا»[خ¦١٨٨٢] الأظهرُ فيه أنَّ مرادَهم مغالطتُه بهذا اللَّفظِ، وحقيقتُهُ: لا نشكُّ في أمركَ، بل نوقنُ بكلِّ حالٍ أنَّك الدَّجَّالُ الكذَّابُ، ولا يداخِلُنَا بما تفعلُهُ شكٌّ، إذ لا يشكُّ فيه المؤمنونَ، والشَّاكُّ فيه كالمؤمنِ به والمتَّبعِ له، ويَحتَمِلُ أنَّ قولَهم هذا تقيَّةٌ ومدافعةٌ، وطمعاً أنَّ اللهَ لا يُقَدِّرَهُ على ذلك، أو يكونَ المجاوِبُ منهم بهذا مَنْ في قلبِهِ مرضٌ، ومَنْ يتبعُهُ من الكفَّار.
[الخلاف]
في ذِكْرِ هندٍ:«هلْ عليَّ حَرَجٌ أن أُطعِمَ من الَّذي له عيالَنَا؟ قال: لا؛ بالمعروفِ» كذا عند البخاريِّ [خ¦٢٤٦٠]، قال أبو زيد: وكذا في أصلِ الفِرَبْرِيِّ، ووجْهُهُ: لا حرَجَ إذا أَطعمْتِ بالمعروفِ، وللجُرجانيِّ وفي كتاب النَّفقاتِ، وعند مسلمٍ:«لا؛ إلَّا بالمعروف» وكذا عند النَّسَفيِّ، ومعناه: لا تنفقي إلَّا بالمعروفِ، وفي كتاب الإيمان للجُرجانيِّ والنَّسَفيِّ:«قال: إلَّا بالمعروفِ»[خ¦٣٨٢٥]؛ ووجْهُهُ: نعمْ؛ إلَّا بالمعروف، جوابُ:«هلْ عليَّ حَرَجٌ».
وفي (ليسَ على المُحْصَر بدلٌ): قولُهُ: «فأمَّا من حبَسَه عُذْرٌ فإنَّه يَحِلُّ ولا يرجِعُ»[خ¦١٨١٢] كذا لجميعِهِم، وعند أبي زيدٍ:«لا يحِلُّ».
في الاستئذان:«ما أُحبُّ أنَّ لي أُحُداً ذهباً، ثمَّ قال: وعندي منه دينارٌ لا أُرصِدُهُ لدَينٍ»[خ¦٦٢٦٨] كذا لجمهورِ الرُّواة، وهو صحيحٌ صفةٌ للدِّينارِ، ويصحِّحُهُ روايةُ الأَصِيليِّ:«إلَّا أنْ أُرصِدَهُ لدَينٍ» وفي غيرِ هذا البابِ: «إلَّا ديناراً أُرصِدُهُ لدَينٍ»[خ¦٢٣٨٨].
وقوله حين سُئل عن العزْل:«لا عليكُم ألَّا تفعلوا» قال المبرِّدُ: معناه؛ لا بأسَ عليكمْ، و «لا» الثَّانيةُ للطَّرحِ، وتأويلُ الحسنِ فيه في كتابِ مسلمٍ خلافُهُ بقولِهِ: كان هذا زجراً، وقد ذكرناه، ونحوَه لابنِ سيرينَ.
وقولُهُ في المالِ:«وما لا فلا تُتْبِعْهُ نفسَكَ»[خ¦١٤٧٣] أي: ما لا يجيئُكَ عفواً فلا تحرِصْ عليه.
وقوله:«إمَّا لا» ذكرناه في حرفِ الهمزة. و «لا جَرَمَ» تقدَّم في حرفِ الجيم.
[فصل الخلاف والوهم]
قولُ عمر:«لا أتحمَّلُها حيَّاً ولا ميِّتاً» كذا عند الأَصِيليِّ وهو وهْمٌ، وزيادةُ (لا) هنا آخراً خطأٌ، والصَّواب ما لغيره [خ¦٧٢١٨]؛ أي: لا أتحمَّلُها في حالتَي الحياةِ والمماتِ معاً، وعلى روايةِ الأَصِيليِّ يقتضي نفيَ تحمُّلِها في