وجاء أسْكَت بمعنَى: أعرَض، وبمعنَى: أطرَق، وجاء سكَت بمعنَى سكَن، ومنه قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ﴾ [الأعراف: ١٥٤]، وقوله في حَديثِ «سَلُونِي»: «فلما قال ذلك عمرُ سَكَتَ رسولُ الله ﷺ»[خ¦٧٢٩٤] يكون منه هذا، كما قال في الرِّوايةِ الأُخرَى:«وسَكَنَ غضبُه»، ويحتمل أن يكون صمت عمَّا كان يقوله قبلُ.
ويكون سكَت بمعنَى: ماتَ، ومنه قوله في المَرجُومِ:«فَرَمَيناهُ بجَلامِيدِ الحرَّة … حتَّى سَكَت» أي: مات.
وقوله:«كان … يُصلِّي-يريد من اللَّيل- إحدى عشرَة رَكعَة … فإذا سكَت المُؤذِّن من صَلاةِ الفَجرِ قام فرَكَع ركعَتَين» * [خ¦٦٢٦] وهو على وَجهِه، وكذا رَوَيناه بالتَّاء من السُّكوتِ في هذا الحَديثِ على اختِلافِ ألفاظِه في جميع الأُمَّهات؛ أي: إذا أكمَل أذانه، ورَوَيناه عن الخطابيِّ:«سكب» بالباء، قال: ومعناه أذَّن، والسَّكبُ: الصَّبُّ استِعارَة للكَلامِ، وحدَّثُونا عن أبي مروان بن سراج، ووجَدتُه بخَطِّ الجَيَّانيِّ عنه: إنَّ سكَت وسكَب بمعنًى واحدٍ.
قوله:«أو شَرِب … سَكَراً»[خ¦٨٣/ ٢١ - ٩٩٢١]، و «مَن شرِب السَّكر»، وذكر:«السَّكر»[خ¦٦٥/ ١٦ - ٦٨٤٤] و «المُسكِر»[خ¦٤/ ٧١ - ٤٠٩] فالسَّكرُ-بالفتح-: اسمُ ما يُسكِرُ من الأشْرِبَة، وكذا في رِوايَة الطَّبري:«المُسكِر» مكان: «السَّكر»، قال الله تعالى: ﴿تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا﴾ [النحل: ٦٧]، قالوا: كان هذا قبلَ تَحريمِه، وقيل: في الآيةِ السُّكرُ: الطَّعامُ، وقَالَه أبو عُبيدَةَ، وأهلُ اللُّغةِ يُنكِرُونه، ومنه قولُ ابنِ مَسعُودٍ في السُّكرِ: المُسكِر.
قوله:«إنَّ لِلمَوتِ لسَكَرَات»[خ¦٤٤٤٩] جمعُ: سَكْرَة، قال الله تعالى: ﴿وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ﴾ [ق: ١٩]، وهي غلبةُ الكربِ على العَقلِ واختِلاطه لشِدَّته، وقولُ أبي بَكرٍ ﵁:«وجاءت سَكْرة الحقِّ بالمَوتِ» أي: سَكرةُ المَوعِد الحقِّ بانْقِضاء الأجَلِ.
وقوله:«ولا أكَلَ في سُكُرُّجَة»[خ¦٥٣٨٦] بضمِّ السِّين والكاف والرَّاء مُشدَّدة وفتح الجيم، كذا قيَّدناه، وقال ابنُ مَكيٍّ: صَوابه بفَتحِ الرَّاء؛ هي قِصاعٌ-يُؤكَل فيها- صِغارٌ، وليست بعَربِيَّة، وهي كُبرَى وصُغرَى، الكبرى تحمِلُ سِتَّ أواقي، والصُّغرى ثلاثة أواقي، وقيل: أربعة مَثاقِيل، وقيل: ما بين ثلثي أوقية.