وفي حديث «يَتعاقَبونَ فيكم ملائكةٌ باللَّيلِ والنَّهارِ» قوله: «أتَيناهُم وهُم يُصَلُّون»[خ¦٥٥٥] كذا للجُمهور، وهو الصَّوابُ، وللأَصيليِّ في «موطَّأ يحيى»: «أتَيتُهم» على الإفرادِ، وهو وهمٌ.
قوله في عُمرَةِ الحُديبِيَة:«فإنْ يأتُونا كانوا قد قطَع الله
عَيْنًا مِن المُشرِكينَ» [خ¦٤١٧٩] كذا للجُرجانيِّ والمَروَزيِّ والهَرويِّ والنَّسفيِّ وكافَّة الرُّواةِ من الإتيان، وعند ابن السَّكنِ:«بَاتُّونا» بباءٍ بواحدَةٍ وتَشديدِ التَّاء من البَتَاتِ بمعنَى قاطَعونا بإظهار المُحارَبة، والأوَّلُ أظهرُ هنا.
الهَمزةُ مع الثَّاء
١٣ - (أ ث ر) قوله للأنصَارِ: «سَتَلقَونَ بعدِي أُثْرَةً»[خ¦٣٧٩٢] بضمِّ الهمزة وسُكون الثَّاء، ويُروَى:«أَثَرةً» بفَتحِهما، وبالوَجهَين قيَّده أبو عليٍّ الحافظُ الجَيَّانيُّ، وبالفَتحِ قيَّده الأَصيليُّ، وهو ضبطُ الصَّدفيِّ والطَّبريِّ والهَوزَنيِّ من الرُّواةِ، وقيَّدناه عن الأَسديِّ وآخرين بالضَّمِّ، والوَجهَان صَحِيحان، ويقال أيضًا:«إِثْرَةً» بالكَسرِ وسُكون الثَّاء.
قال الأزْهَريُّ: وهو الاسْتِئثار؛ أي: يُستأثَر عليكم بأمُور الدُّنيا، ويُفضِّل عليكم غيرُكم نَفسَه، ولا يُجعَلُ لكم في الأمرِ نصيبٌ، وحكى لي شَيخِي أبو عبدِ الله محمَّدُ بنُ سُليمانَ النَّحويُّ عن أبي عليٍّ القالي: أنَّ الأثرَةَ الشِّدَّةُ، وبه كان يتأوَّلُ الحديثَ، والتَّفسيرُ الأوَّل أظهَرُ، وعليه الأكثرُ، وسِياقُ الحديثِ وسَببُه يَشهَدُ له، وهو إيثارُهم المُهاجِرينَ على أنفُسِهم، فأجابَهم ﷺ بهذا.
وفي الحَديثِ الآخَرِ:«فآثَرَ الأنصَارُ المهاجِرِينَ»[خ¦٢٤/ ١٨ - ٢٢٤٥] أي: فضَّلُوهم، وفي البَيعةِ:«وأَثَرَةٍ عليكَ»[خ¦٧٠٥٦] كلُّه بمَعنًى.
وفي حَديثِ بنتِ محمَّدِ بنِ مَسلمَةَ:«فآثَرَ الشَّابَّة علَيها» أي: فضَّلها، وفيه:«فأَصبِرُ على الأُثْرَة» رَوَيناه في «المُوطَّأ» بالضَّمِّ، وعن الجَيَّانيِّ فيها بالفَتح أيضًا، وهو بمعنَى ما تقدَّم.
وفي حَديثِ عائشةَ ووَفاةِ عمرَ ﵄:«وكان إذا أرْسَلَ إليها أحَدٌ من الصَّحابَةِ أنْ يُدفَنَ مع أبي بكرٍ قالَتْ: والله لا أُوثِرُهم بأحدٍ أبَدًا»[خ¦٧٣٢٨] تعني غيرَ نَفسِها لتُدفَنَ معهما، كذا في جميع النُّسخِ، ومعناه عندي-إنْ صحَّت هذه الرِّوايةُ- على القَلبِ؛ أي: لا أوثِرُ أحدًا بهم؛