قال في الرِّوايةِ الأخرى:«أخبثَ»، قال الخليلُ: الخنَعُ: الفُجورُ، وفي روايةٍ أخرى في البخاريِّ:«أَخْنَى»[خ¦٦٢٠٥] ومعناها مِن نحوِ هذا التَّفسيرِ؛ أي: أفجرَ وأفحَشَ، والخَنَى الفُحْشُ، كما قالَ في اللَّفظِ الآخرِ:«وأخبَثَها»، ويكونُ بمعنَى: أهلكَ لصاحبِها، يُقال: أخْنَى عليه الدَّهرُ؛ أي: أهلَكَه، وقد ذكرَ أبو عُبيدٍ أنَّه رُويَ:«أنخَعَ» بتقديمِ النُّونِ، وهو أيضاً من هذا المعنى؛ أي: أقتلَ وأهلَكَ، والنَّخَعُ: القَتلُ الشَّديدُ، واختُلِفَ في معنَى قولِه:«تَسمَّى بملِكِ الأملاكِ»[خ¦٦٢٠٥] فجاءَ في الحديثِ: «هو مثلُ قولِه: شاه شاه»[خ¦٦٢٠٦] هذا قولُ سُفيانَ بنِ عُيينةَ، وقيل: معناه أن يُسمَّى بأسماءِ الله تعالى الذي هو ملكُ الأملاكِ، كالعزيزِ والجبَّارِ والرَّحمنِ.
في تفسير: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾ [النَّاس: ١] عن ابنِ عَبَّاسٍ: «﴿الْوَسْوَاسِ﴾ [النَّاس: ٤]: إذا وُلِدَ خَنسَهُ الشَّيطانُ، فإذا ذُكرَ اللَهُ ﷿ ذهبَ وإذا لم يُذكَرِ الله ثبتَ على قلبِه»[خ¦٦٥/ ١١٤ - ٧٣٧٨] في هذا الكلامِ اختلالٌ لا شكَّ، وكذلك للرُّواةِ في جميعِ النُّسَخِ، ولا معنًى له، وهو تصحيفٌ وتغيِيرٌ، فإمَّا أنْ يكونَ صوابُه:«نخَسَه الشَّيطانُ» كما جاءَ في غيرِ هذا البابِ، لكنِ اللَّفظُ الذي جاءَ به بعدُ من غيرِ هذا الحديث، وهو ما رُويَ عن ابنِ عبَّاسٍ:«يولَدُ الإنسانُ والشَّيطانُ جاثمٌ على قلبِه، فإذا ذُكِر الله خَنَسَ، وإذا غُفِلَ وسوَسَ»، فكأنَّ البخاريَّ إنَّما أرادَ ذِكْرَ هذا الحديثِ، أو الإشارةَ للحَديثَين، والله أعلمُ.