غليظ الرَّقبةِ سمِين؛ لكَثرةِ أكلِك إلى بياضِ النَّهارِ.
والأوَّلُ أولَى، وهو بيِّن من لفظِ الحَديثِ وسِياقِه، وإليه يَرجِع قولُه:«إنَّك لعرِيضُ القَفَا»؛ لأنَّ وِسادَ المَرءِ من قَدرِه، فمَن يتوسَّدِ اللَّيلَ والنَّهار يحتاج قفاً من جنسِ ذلك، وقد ذَكرْناه في حَرفِ العين.
وقيل: الوِسادُ هنا: النَّومُ؛ أي: إنَّ نومَك كثِيرٌ، وقيل: اللَّيلُ، كأنَّه يقول: إنَّ مَن لا يعدُّ النَّهار حتَّى يتبيَّن له العِقالَانِ نام كثيراً وطال ليله، وهما بعِيدَان في التَّأويلِ.
وقوله:«صاحبُ … الوِسَادِ والمِطْهَرَةِ»[خ¦٤/ ١٦ - ٢٦٦] يعني عبدَ الله بنَ مَسعودٍ، كذا جاء في البُخاريِّ من غيرِ خِلافٍ في كتابِ الطَّهارةِ، وفي روَايةِ مَالكِ بنِ إسماعيلَ [خ¦٣٧٤٢]، ويُروَى:«الوِسادَة»، وفي حَديثِ سُليمانَ بنِ حَربٍ:«صاحبُ السِّوادِ أو السِّواكِ»[خ¦٣٧٤٣] بكسر السِّين فيهما، وكان عبدُ الله بنُ مَسعودٍ يَمشِي مع النَّبيِّ ﷺ حيثُ تصرَّف ويخدمُه ويحمِلُ مطهرَته وسِواكَه ونَعلَيه، وما يحتاجُ إليه، فلعلَّه أيضاً يحمِلُ وِسادَة إذا احتاج إليها، وأمَّا أبو عمرَ فقال: كان يُعرفُ بصَاحبِ السِّوادِ والسِّواك بكَسرِ السِّين، ومعنى السِّواد السِّرارُ؛ لقَولِه ﵇:«إذنك عليَّ أن ترفَعَ الحِجابَ وتَسمعَ سِوَادِي».
٢٤٢١ - (و س ط) قوله في الجَنازةِ: «فقَام وَسَطَها»[خ¦٣٣٢]، وفي الحَديثِ الآخَر:«فوَجَدتُه وسط النَّاس» * [خ¦٥٢٥٩]، «وسَط رَأسِه»[خ¦١٨٣٦] كذا ضبَطْنا هذا الحرفَ بسُكونِ السِّين على أبي بَحرٍ وغَيرِه، وبَعضُهم يفتَحُ، قال الجَيَّانيُّ: وكذا ردَّه عليَّ ابنُ صاحبِ الأحباسِ، وقال ابنُ دُريدٍ، وسَطُ الدَّار ووسْطُها سواء، وقال ثَعلبٌ: جلَس وسْطَ القَومِ ووسْطَ الدَّار بالسُّكونِ، و «احتَجَم … وسَط رَأسِه»[خ¦٥٦٩٨] بالفَتحِ.
وقوله:«مِن سِطَةِ النِّساءِ» ذكَرْناه في السِّين، وأصلُه الواو، وذكَرْنا ما تُعُقِّب فيه، والتَّصحيف في حَديثِ آكلِ الرِّبا، ومَن قال فيه:«وسَطِ النَّهر» في حَرفِ الشِّينِ، وسط كلِّ شيءٍ خِيارُه وأعدَلُه، ومنه: ﴿أُمَّةً وَسَطًا﴾ [البقرة: ١٤٣]، ومنه:«الفِردَوس أَوسَطُ الجنَّةِ وأعلَاها»[خ¦٢٧٩٠]، قيل: أفضَلُها، ويكون أنَّه أوسَطُها مساحَةً، ثمَّ هو مع ذلك أرفعُها منازلَ، وأفضلُها مراتبَ.