وأمَّا «إلى» فحَرفُ غاية الانتِهاء، وتأتي بمعنى «في»، وبمعنى «مع».
و «إليَّ» هي «إلى» أُضِيفَت إلى ضميرِ المُتكلِّم المُخبِر، وتأتي بمعنى «لي».
فمن ذلك حديثُ ابنِ عمرَ ﵄ وقد أعتَق مملُوكًا ضرَبه:«ما لي فيه مِن الأجرِ ما يُسَاوِي هذا إلَّا أنِّي سمِعتُ رسولَ الله ﷺ يقُولُ» الحديثَ، كذا رَوَيناه بكَسرِ الهَمزةِ حرف الاستِثْناءِ، ووجهُه أن يكون استِثْناءً مُنقَطعًا أو على ما نَذكُره بعدُ، وقال بعضُهم: لعلَّه «أَلَا إنِّي» بفَتحِ الهَمزةِ وتَخفيفِ اللَّام حرفُ الاستِفْتاحِ، وكأنَّ هذا استَبْعَد الاستِشْهاد بهذا على قَولِه:«ما لي فيه مِن أجرٍ»، وعندي أنَّه لا يبعُد ولا تنافُر بين الفَصلَين، أخبَر أنَّه لا أجرَ له في عِتْقه، وأنَّه لم يُعتِقه للأجر مُتطَوِّعًا به، إلَّا للكَفَّارةِ وإزالَةِ الحَرجِ لضَربِه إيَّاه، وتكون «أنِّي» هنا بمعنَى «لكن» فحذَف الخبرَ لدَلالةِ الكَلامِ عليه؛ أي: فأعتَقْتُه ليُكفِّر عنِّي ما فعَلتُ.
وقوله في حَديثِ فَضلِ أبي بكرٍ ﵁:«إلَّا خُلَّةَ الإسْلامِ»[خ¦٣٩٠٤] كذا ضبَطه الأصيليُّ وغيرُه بحَرفِ الاستِثْناء من نَفيِ غيرِها من الخُلَّة، وعند بَعضِهم:«أَلَا» بفَتحِ الهَمزةِ وتَخفيفِ اللَّامِ على الاستفتاح وابتِدَاء الكَلامِ، وكِلاهُما صَحيحٌ، وقولُه في الحديثِ الآخرِ:«لكِنْ أُخُوَّةُ الإسْلامِ»[خ¦٤٦٦]