للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يومَ القيامة»، وهذا بيِّن، والهاء في «إليه» ترجع إلى المَقعدِ أو إلى الله، وروَاه قومٌ عن ابنِ بُكيرٍ: «حتَّى يبعَثَكَ الله» ولم يزد.

فصلٌ: في بيان ما اشتَبه في هذه الكتُبِ من

(إلَّا) و (أَلَّا) و (أَلَا) و (إلى) و (إليَّ)

وتفسيرِ مُشكِل ذلك وما اختُلِف فيه

٥٩ - اّْعلم أنَّ «إلَّا» بكَسرِ الألفِ وتَشديدِ اللَّامِ (حرفُ استثناء) يُخرِج بعضَ ما تضمَّنته الجُملةُ قبلَه منها، وقد تأتي

بمعنى (لكن)، وهو الَّذي يُسمِّيه بعضُهم الاستثناء من غير الجنسِ، وبعضُهم يُسمِّيه الاستثناء المُنقطِع، وبعضُهم الاستِدْراك، وجاءت «إلَّا» بمعنَى «ولا» أيضًا، وبمعنى: «إن لم».

فأمَّا بفتحِ الهَمزةِ والتَّشديد فللتَّوبيخ واللَّومِ، وتأتي للعَرضِ أيضًا، وبمعنى: «هلَّا»، وبمعنى «أن» و «لا» زائدة بعدها.

فأمَّا بتَخفيفِ اللَّام فلاستفتاحِ الكَلامِ، وتأتي للعَرضِ والتَّحضيضِ.

وأمَّا «إلى» فحَرفُ غاية الانتِهاء، وتأتي بمعنى «في»، وبمعنى «مع».

و «إليَّ» هي «إلى» أُضِيفَت إلى ضميرِ المُتكلِّم المُخبِر، وتأتي بمعنى «لي».

فمن ذلك حديثُ ابنِ عمرَ وقد أعتَق مملُوكًا ضرَبه: «ما لي فيه مِن الأجرِ ما يُسَاوِي هذا إلَّا أنِّي سمِعتُ رسولَ الله يقُولُ» الحديثَ، كذا رَوَيناه بكَسرِ الهَمزةِ حرف الاستِثْناءِ، ووجهُه أن يكون استِثْناءً مُنقَطعًا أو على ما نَذكُره بعدُ، وقال بعضُهم: لعلَّه «أَلَا إنِّي» بفَتحِ الهَمزةِ وتَخفيفِ اللَّام حرفُ الاستِفْتاحِ، وكأنَّ هذا استَبْعَد الاستِشْهاد بهذا على قَولِه: «ما لي فيه مِن أجرٍ»، وعندي أنَّه لا يبعُد ولا تنافُر بين الفَصلَين، أخبَر أنَّه لا أجرَ له في عِتْقه، وأنَّه لم يُعتِقه للأجر مُتطَوِّعًا به، إلَّا للكَفَّارةِ وإزالَةِ الحَرجِ لضَربِه إيَّاه، وتكون «أنِّي» هنا بمعنَى «لكن» فحذَف الخبرَ لدَلالةِ الكَلامِ عليه؛ أي: فأعتَقْتُه ليُكفِّر عنِّي ما فعَلتُ.

وقوله في حَديثِ فَضلِ أبي بكرٍ : «إلَّا خُلَّةَ الإسْلامِ» [خ¦٣٩٠٤] كذا ضبَطه الأصيليُّ وغيرُه بحَرفِ الاستِثْناء من نَفيِ غيرِها من الخُلَّة، وعند بَعضِهم: «أَلَا» بفَتحِ الهَمزةِ وتَخفيفِ اللَّامِ على الاستفتاح وابتِدَاء الكَلامِ، وكِلاهُما صَحيحٌ، وقولُه في الحديثِ الآخرِ: «لكِنْ أُخُوَّةُ الإسْلامِ» [خ¦٤٦٦]

<<  <  ج: ص:  >  >>