في إلحاق ما بُتِر من الحديثِ، أو بُيِّض للشكِّ فيه، أو لعلَّةٍ أو نقصٍ منه، وهما ممَّا لا يتِمُّ الكلامُ إلَّا به، ولا يستَقِلُّ المعنَى إلَّا بإلحاقِه، وما وقَع من الخلافِ في بَعضِ ذلك من زيادةٍ أو نَقصٍ
ممَّا وقَع من ذلك في المتُونِ، إذ قد ذكَرنا ما وقَع من ذلك في الإسنادِ في باب الأوْهامِ قبلُ، إذ هو مَوضِعُه، وقد ذكَرْنا من أوهام المتُونِ في ذلك ما لم ينتَضِم في هذا الباب.
قال قال القاضي أبو الفضل رحمه الله تعالى: وهذا الفنُّ من علُوم الحديثِ بابٌ كبِيرٌ، وضربٌ كثِيرٌ في هذا الأصُولِ، لاسيَّما في «الصَّحيحَين»، فمِنه ما هو وَهمٌ من بَعضِ الرُّواةِ عَنهُم، ومنه ما هو ممَّن هو فوقَهم ممَّن نبَّهوا عليه، وتَقدَّمنا غيرُنا من الحُفاظِ المُتقِنِين التَّنبِيه عليه ممَّن هو، ومنه ما قصَرَه المُصنِّف مُقتَصراً على التَّنبيهِ على بقِيَّة الحديثِ بذِكْر حرفٍ منه، وطرفٍ من جُملتِه، إما لتَكرارِه في بابٍ آخر بكَمالِه، أو لشُهرةِ الحديثِ، أو لم يكن مراده منه في البابِ إلَّا اللَّفظ الَّذي ذكَر، فنبَّه على بقِيَّة الحديث، أو لغَرضٍ كان له في ذلك، وأكثرُ ما جاء ذلك في «جامع البخاري»، وهذا الفنُّ من علمِ الحَديثِ يسَمِّيه أصحابُه: الأطراف، وقد صنَّفوا كتباً على ذلك اختِصاراً للمُتونِ، وعِنايةً بالإسنادِ الَّذي علَيه مُعوَّل جماهير حُفاظِ الحديثِ، وهو أصلُ صناعَتِهم، ورأسُ مالِ بِضاعَتِهم.
فمِن ذلكَ في «المُوطَّأ»:
٣٢١٨ - في (باب تيَمُّم الجنُب) قوله: «عن الرَّجل يتيَمَّم ثمَّ يدركُ الماء، فقال سعِيدٌ: علَيه الغسلُ» كذا عند شيُوخِنا في روايةِ يحيَى، وعند غَيرِه وفي بعضِ الرِوايَات عن عُبيدِ الله عن يحيَى عنه:«عن الرَّجل الجنُبِ» وهو الصَّوابُ.
٣٢١٩ - وفي (بابِ المَرأةِ): «ترَى في المَنامِ مثل ما يرَى الرَّجلُ»، وعند القَعنبِيِّ:«المَرأة ترَى ما يرَى الرَّجل»، وعند غَيرِه:«ترَى في المَنامِ»، وهو الصَّحيحُ المَعرُوفُ، وعليه ترجمةُ البابِ [و] معنى المَسألةِ.
٣٢٢٠ - وفي باب:«النَّهي عن دخُولِ المَسجدِ بريحِ الثُّومِ، وتغطية الفم في الصَّلاةِ» كذا التَّرجمةُ في كتابِ أبي الوَليدِ البكريِّ وأبي عليٍّ الجيانيِّ عن يحيَى، وكذا عندَ ابنِ بُكيرٍ ومَن