الهُدَى، كما كان من مُسارَعة جماعَةِ الأنصارِ لقبُولِ الإيمانِ وما جاء به ﵇ ونَصرِهم له، وفرَّق بعضُ أربابِ المَعاني بين اللِّين في هذا والرِّقَّة، وجعَل اللِّينَ والضَّعفَ ممَّا تقدَّم ذكرُه، والرِّقَّة عِبارَةٌ عن صَفاءِ باطنِ القَلبِ -وهو الفُؤادُ- وإدراكِه من الحقِّ والمَعرفَة ما لا يُدرِكُه مَن ليس قلبه كذلك، وإنَّ ذلك مُوجِب لـ:«لين» قُلوبِهم وسُرعةِ إجابَتِهم، وقيل: يجوزُ أن تكون الإشارَة بلين القَلبِ وضَعفِه إلى خَفضِ الجَناحِ، وحُسنِ العِشْرةِ، وبرِقَّة القَلبِ إلى الشَّفقةِ على الخَلقِ والعَطفِ عليهم والرَّحمة.
وفي صِفَة النَّبيِّ ﷺ:«وكان رَقيقاً رَحِيماً» من رِقَّة القَلبِ والشَّفقةِ بالأُمَّة، وكذا في وَصْفِ أبي بَكرٍ ﵁[خ¦٦٨٧] من رِقَّة القَلبِ وكَثرةِ البُكاء، كما بيَّنه في الحَديثِ نَفسِه.
٨٩٦ - (ر ق ي) قوله: «لا رُقْيَة إلَّا من كذا»[خ¦٥٧٠٥]، و «من أنبأك أنَّها رُقْيَة» * [خ¦٢٢٧٦] بسُكونِ القافِ وضَمِّ الرَّاء، و «نهَى … عن الرُّقى»، و «أباح الرُّقى ما لم يكُن فيه شِرْك»، مَقصُور كلُّه بضمِّ الرَّاء، و «رَقاهُ بفاتِحَة الكِتابِ» * [خ¦٥٠٠٧] بفَتحِ القاف في المَاضِي، و «كان يَرقِي»[خ¦٥٧٤٤] و «أنا أَرْقِي» * [خ¦٢٢٧٦] بكَسرِها في المُستَقبل، و «رَقِيتُه أنا» بكَسرِها، كذا هو من الرُّقى، وهو كلُّه بمعنَى عوَّذته غير مُهموزٍ.
فأمَّا قوله:«فرَقِيَ على الصَّفا» فبِكَسرِ القافِ في المَاضِي، وفَتحِها في المُستَقبَل، وكذا ضَبَطناه عن القاضي التَّميميِّ في «الصَّحيحِ» وعن كافَّة شيُوخِنا في «الموطَّأ» في قَولِه: «فرَقِي»[خ¦٢٣٦٣] في حَديثِ ساقي الكَلبِ، وضَبَطناه عن ابنِ حَمدِينَ وابنِ عتَّابٍ فيه:«فرقَى» بفَتحِ القافِ، وكذلك عن عامَّةِ شيُوخِنا في «الصَّحيحِ»، وكِلاهما مَقُول، وفتحُ القافِ مع الهمزِ لُغَة طَيِّء، والأُولى أشهَر وأعرَف.
وكذلك قوله:«فرَقِي المِنبَر»[خ¦٤١٩]، و «فرَقِيت على ظَهر بيتٍ» وكلُّه بكَسرِ القافِ بمَعنَى: صَعِد، وكلُّه غيرُ مَهمُوزٍ أيضاً، وهذا كما قالوا: تَوِي وتوَى، وثوِي وثوَى.
و «رَقَأ الدَّمُ» مَهمُوز تقدَّم [ر ق أ]، وكذلك الدَّمعُ [ر ق أ].
فصلُ الاخْتلافِ والوَهمِ
قوله في الكُهَّان في حَديثِ يونسَ في كتابِ مُسلمٍ من رِوايَة السَّمرقنديِّ والسِّجزيِّ:«ولكنَّهم يُرَقُّون فيه ويَزِيدُون» كذا الرِّوايةُ عنهما بضَمِّ الياءِ وفَتحِ الرَّاء وتَشديدِ القافِ،