وقوله في حديث جابر الطَّويلِ:«أَيُّكمْ يُحِبُّ أن يُعْرِضَ الله عنه؟ قال: فجَشَعْنا» كذا رَوَيناه عن القاضي الشَّهيد بالجيم، وكذا كان أيضاً في كتاب القاضي التَّميميِّ بخطِّه، ورَوَيناه عن غيرِهما بالخاء من الخُشوع، ومعناه صحيحٌ متقارِبٌ؛ «فخَشَعْنا» بالخاء سَكَنَّا وخِفْنا وفزِعْنا، وبالجيم: فزِعنا أيضاً، ومنه الحديثُ الآخرُ:«فبكى معاذٌ جَشَعاً لِفراقِ رسول الله ﷺ» قال الهرويُّ: أي: جزَعاً.
[الجيم مع الهاء]
٣٩٩ - (ج هـ د) قوله في المبعَث عن الملَك: «حتَّى بلَغَ منِّي الجَهْدَ»[خ¦٣] أكثرُ الرِّوايةِ فيه والضَّبطُ بفتح الجيم، وقالَه بعضُهم بضمِّها، و «ما ظنَنْت أنَّ الجَهْدَ بلَغَ بك هذا»[خ¦١٨١٦]، وفي الحديث الآخَر في الصَّبر:«على جَهْدِ المدينةِ» بالفتحِ أيضاً، و «فأَصابَهم قَحْطٌ وجَهْدٌ»[خ¦٤٨٢١]، و «جَهْدَ العِيَالِ»[خ¦١٠١٨]، وكذلك:«نعوذُ بك من جَهْدِ البلاءِ»[خ¦٦٣٤٧]، وقوله:«جُهِدَ العِيالُ» بضمِّ الجيم وكسرِ الهاء، و «جَهِدْتُ أن أَجِدَ مَرْكَباً»[خ¦٢٢٩١] بفتحِ الجيم وكسرِ الهاء أيضاً، و «اجْهَدْ عَليَّ جَهْدَكَ»[خ¦٣٧٠٤] بفتح الجيمِ؛ أي: ابلُغ أقصَى ما تَقدِرُ عليه من السَّعي عليَّ.
وقوله:«وكان أوَّلَ النَّهار جاهداً على نبيِّ الله»[خ¦٣٩١١] أي: مبالغاً في طلبِه وأذاه، وقوله:«ما زلتُ جاهداً في طلبِ مَرْكَبٍ»[خ¦٢٢٩١] أي: حريصاً مُبَالغاً في طلبِه، كلُّه بمعنَى الشِّدَّةِ في الحالِ والمبالغةِ والغايةِ والجِدِّ، وقال ابنُ عرفةَ: الجُهْدُ بالضَّمِّ: الوُسْعُ والطَّاقةُ، والجَهد بالفتح: المبالغةُ والغايةُ، وفي حديثِ ابنِ عمر:«اجْهَدْ عليَّ جَهْدَكَ» منه، ورُوِي عن الشَّعبيِّ: الجَهدُ بالفتح: في العمَل، وبالضَّمِّ: في القِنْيَة؛ يعني العَيش، وقال غيرُه: إذا كان من الاجتِهاد والمبالغةِ ففيه الوجهان، قال ابنُ دريد: وهما لغتانِ فَصيحتان: بلَغ الرَّجُل جَهده وجُهده، وفي «العين»: الجُهد بالضَّمِّ: الطَّاقةُ، وبالفتح: المشقَّةُ، وقال يعقوب: الجُهد والجَهد لغتان، قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ﴾ [التوبة: ٧٩] قرِئ بالوجهين، فمعنَى «جَهِدْتُ أن أَجدَ مَرْكَباً» أي: اجتَهدت، و «جَهِد العِيالُ» أي: أصابَهم الجَهد، وهي المشقَّةُ وضيقُ العَيش،