على طريقِ المقابلةِ في الكلامِ أي: أجازيكَ على نسيانِكَ، كما قالَ الله تعالى: ﴿نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ﴾ [التوبة: ٦٧] أي: يعاقبُهم عقاباً صورتُه صورةُ المنسيِّ بتركِهم ومنْعِهمُ الرَّحمةَ والإعراضِ عنهم حيثُ نجا غيرُهم وفازَ.
[فصل في الاختلاف والوهم]
قوله في تفسيرِ النَّقيرِ:«هي النَّخلةُ تُنسَحُ نَسْحاً» أي: تُنقَرُ نَقْراً، بالحاءِ المهمَلةِ؛ أي: يُنحَّى قِشرُها عنها وتملَّسُ، ويُحفَرُ فيها للانتِباذِ، كذا ضبطناه عن كافَّةِ شيوخِنا، وفي كثيرٍ من نُسَخِ مسلمٍ عن ابن ماهانَ:«تُنسَجُ» بالجيمِ، وكذا ذكرَه التِّرمذيُّ، وهو خطأٌ وتصحيفٌ لا وجهَ له، وكذا عندَ ابن الحذَّاءِ:«تُبقَرُ» بالباءِ؛ أي: تُحفَرُ، وقد تقدَّمَ في الباءِ.
وقوله:«هذه مكانَ عمرَتي التي نسَكْتُ»[خ¦٣١٦] كذا لأبي ذرٍّ والجُرجانيِّ والنَّسفيِّ، وعندَ المروزيِّ:«التي سكتُّ»، قال الأَصيليُّ: معناه: التي سَكتُّ عنها، ولغيرِهم:«التي شكَّتْ» بشينٍ معجَمةٍ.
وفي إسلامِ عمرَ:«ألم ترَ الجِنَّ وإبلاسَها ويأسَها من بعدِ أنساكِها» أي: من متعبَّداتِها، جمعُ نُسْكٍ، كذا لأبي ذرٍّ والنَّسفيِّ، وهو الصَّوابُ، وعندَ غيرِهما: الأَصيليِّ وبعضِ شيوخِ أبي ذرٍّ والقابسيِّ وعبدوسٍ: «ويأسَها من بعدِ إنساكِها» بكسرِ الهمزةِ، وعندَ ابن السَّكنِ:«من بعدِ إنكاسِها»[خ¦٣٨٦٦] وهما وهمٌ.
وقوله في أوَّلِ الصَّلاةِ في حديثِ الإسراءِ:«نسَمُ بَنيهِ»[خ¦٣٤٩] أي: أنفسُهم وأرواحُهم، وينطلِقُ على ذاتِ كلِّ ذي روحٍ، وضبطَه بعضُهم عن القابسيِّ:«شِيَم» بشينٍ معجَمةٍ، جمعُ شميةٍ؛ وهي: الطِّباعُ، وهو تصحيفٌ.
وقوله:«ونَسَواتُها تنطُفُ»[خ¦٤١٠٨] كذا لهم، ولابن السَّكن:«نَوساتُها» بتقديمِ الواو، كما ذكرَه البُخاريُّ عن عبدِ الرَّزاقِ [خ¦٤١٠٨]، وهو أشبهُ بالصِّحَّةِ؛ وهي الذَّوائبُ والضَّفائرُ، وضبطَه بعضُ شيوخِنا عن أبي مروانَ:«نوَّاسات» بتشديدِ الواو، إلَّا أن تكونَ الكلمةُ مشتقَّةً من النَّسوِ؛ وهو انحِتاتُ شَعَرِ الإبلِ عنها عندَ سمَنِها، فقد يمكنُ أن يشبَّهَ بها الذَّوائبُ، بما يعلَقُ منها بعضُها ببعضٍ، ويُستعارُ لها ذلك.