للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ [البروج: ١٠] أي: حرَّقوهم، ومنه: «أعوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النَّارِ» [خ¦٦٣٧٧].

وقيل: إنَّها هنا على أصلِها من التَّصفيةِ؛ لأنَّ المُعذَّبين بالنَّارِ من المؤمنينَ المُذنبين؛ إنَّما عُذِّبوا من أجلِ ذنوبِهم فكأنَّهم صُفُّوا منها وخُلِّصُوا، فسألَ النَّبيُّ أن لا يكونَ من هؤلاءِ، وكذلك سؤالِه لأمَّتِه ذلك، لكن بعفوِ الله ورحمتِه، وتفريقِه في الدُّعاءِ بين «فتنةِ النَّارِ»، و «عذابِ النَّارِ» [خ¦١٣٧٧] حجَّةٌ لهذا القائلُ؛ أي: ممَّن يُعذَّبُ بالنَّارِ عذابَ الكفَّارِ، وهو حقيقةُ التَّعذيبِ والخلودِ، وقد بسطنا هذا والفرقَ بينَ عذابِ المذنبينَ والكفَّارِ في شرحِ مسلمٍ.

وقوله في خروجِ النَّبيِّ وهم يصلُّون «فَكِدنَا نَفتَتِن» * [خ¦٦٨٠] أي: نخلطُ في صلاتِنا، ونذهلُ عنها، وقيل عن سعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ: «فتنة الدُّنيا: … الدَّجَّالُ» [خ¦٦٣٦٥].

وتكونُ بمعنَى: الإزالةِ والصَّرفِ عن الشَّيءِ كقوله تعالى: ﴿وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾ [الإسراء: ٧٣].

١٨٠١ - (ف ت ش) قولها: «لم يَطأ لنا فِراشاً، ولم يُفَتِّش لنا كَنَفاً مُذ أتيناه» [خ¦٥٠٥٢] كنايةٌ عن القُربِ منها، والكَنَفُ: السِّترُ، وهو هنا الثَّوبُ كنَّت بتفتُّشِه عن الاطِّلاعِ على ما تحتَه، وعن إعراضِه عن الشُّغلِ بها.

١٨٠٢ - (ف ت ي) قوله: «وليَقل فتايَ وفتاتِي» [خ¦٢٥٥٢] قيل: هو بمعنَى: عبدِي وأَمَتِي، وإنَّما نَهى عن ذكرِ العبوديَّةِ المحضةِ، إذِ العبوديَّةُ حقيقةً لله، ولفظُ الفتوَّةِ مشتركٌ للمِلْكِ وَلِفَتَاءِ السِّنِّ، والفتيُّ: الشَّابُّ مقصورٌ، والفَتاءُ -ممدودٌ- الشَّبابُ، قال الله تعالى: ﴿وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُواْ بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ﴾ [يوسف: ٦٢] أي: لعبيدِه.

وقوله: «من كُنَّا أفتَينَاه فُتيَا»، و «ما هذه الفُتيَا»، وتكرَّرَ هذا الحرفُ، فإذا كان آخرُه ياءٌ كانَ بضمِّ الفاءِ، ويقال: فيها الفَتوى بفتحِ الفاءِ والواوِ، وأصلُه السُّؤالُ، ثمَّ سُمِّي الجوابُ به، قال الله تعالى: ﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ﴾ [النِّساء: ١٧٦]، وقال: ﴿فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ﴾ [الصافات: ١٤٩] أي: سَلْهُم.

وقوله: «أمِثلِي يُفتَاتُ عَلَيه» مذكورٌ في الفَاءِ واليَاءِ؛ لأنَّه مُعتلٌّ.

فصلُ الاخْتِلافِ والوَهمِ

قوله: «إنَّ شيطاناً جعلَ يَفتك عليَّ البارحةَ» كذا ذكرَه مسلمٌ، يقال: بضمِّ التَّاءِ وكسرِها، فسَّرنا الفَتكَ، لكنَّه هنا وهمٌ وتصحيفٌ والله أعلمُ، وصوابُه روايةُ البخاريِّ: «تفلَّت عليَّ» [خ¦٤٦١] أي: توثَّبَ وتسرَّعَ لإرادَةِ ضُرٍّ بي.

<<  <  ج: ص:  >  >>