وقوله:«فلْيُنفِّسْ عن مُعْسِرٍ» معناه: يؤخِّرْه، ومنه:«نفَّسَ الله في أجلِه»، وقد يكونُ يُنَفِّس بمعنى: يفرِّجُ عنه، ومثلُه في الحديثِ الآخرِ:«من نفَّسَ عن مسلمٍ كُربةً» أي: فرَّجَها عنه وأزالَها، وهو ممَّا تقدَّمَ، كأنَّه أخَّرَها عنه.
وفي الرُّقى:«من شرِّ كلِّ نفْسٍ أو عينِ حاسدٍ» يحتملُ أن يكونَ واحدَ الأنفسِ، ويحتملُ أن يريدَ بالنَّفسِ هنا العينَ، ويكونَ قولُه:«أو عينِ» تحرِّياً من الرَّاوي في أيِّ: اللِّفظَين قالَ، وهو أشبَه أن يكونَ تكراراً للتَّأكيدِ، كما جاء في الحديثِ الآخرِ «مِن شَرِّ حاسدٍ إذا حسدَ، وشرِّ كلِّ ذي عَينٍ» والنَّفْسُ: بسكونِ الفاءِ: العينُ.
وقوله:«ما حدَّثت به أنفسَها»[خ¦٥٢٦٩] بالفتحِ على المفعولِ؛ أي: قلوبَها، ويدلُّ عليه قولُه:«إنَّ أحدَنا يحدِّثُ نفسَه» قال الطَّحاويُّ: وأهلُ اللُّغةِ يقولونَ: أنفسَها؛ يريدون بغيرِ اختيارِها، كما قالَ الله تعالى: ﴿وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ﴾ [ق: ١٦]. وفي الحديثِ الآخرِ:«ما وَسْوَسَتْ … به أنْفُسها»[خ¦٦٦٦٤] هذا بالضَّمِّ، ورواه الأَصيليُّ: بالفتح، ويكونُ وسوسَتْ على هذا بمعنى: حدَّثَتْ، مثل الأوَّلِ، والنَّفْسُ تقعُ على الذَّاتِ، وعلى الحياةِ، وعلى الرُّوحِ.
وأمَّا النَّفَسُ بالفتح: فنفَسُ الإنسان الدَّاخلُ والخارجُ، وقد قيل: إنَّه النَّفْسُ أيضاً بعينِها، وهذا خطأٌ، واختُلِفَ في النَّفْسِ والرُّوحِ: هل هما اسمان لشيءٍ واحدٍ؟ أو هما مختلفان، ولا خلافَ أنَّها تقعُ على ذاتِ الشَّيءِ وحقيقتِه، وقد بسَطْنا ذلك في شرحِ مسلمٍ وغيرِه.
وقوله في حديثِ أمِّ سُلَيمٍ في ابنِها:«هدَأَ نفسُه»[خ¦٧٨/ ١١٦ - ٩٢٣٨] رويناه: بفتحِ الفاءِ، من النَّفَس، وسكونِها: من النَّفْس عرَّضَت له بسكونِ وجَعِه، وكان قد ماتَ فجاءَتْ بلفظٍ مشتركٍ يصلُحُ للوجهَين معاً.