للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: «ولا تؤخَذُ في الصَّدقةِ هَرِمةٌ، ولا ذَاتَ عَوارٍ ولا تَيْسَ الغَنَمِ، إلاَّ ما شاءَ المُصدِّقُ» [خ¦١٤٤٥] يريدُ-والله أعلم-: آخذَها؛ أي: ما شاءَ أخذَه من هذه المعيبةِ إذا رأى ذلك، نظَراً للمساكينِ لسِمَنِها وكبَرِ جسْمِها.

وقوله: «وجعلَ عتقَها صداقَها» [خ¦٤٠٩١] يقالُ بفتحِ الصَّادِ وكسرِها، وفيه أيضاً لغاتٌ. يقال: صَدُقَةٌ، صَدَقة، صُدْقةٌ، وهومهرُ المرأةِ الذي تُستَباحُ به، وفعْلُ النَّبيِّ هنا خاصٌّ له عندَ كافَّةِ الفقهاءِ؛ لأنَّه قد أُبيحَتْ له الموهوبةُ، وقال بعضُهم بظاهرِه: وقد بينَّا هذا في كتابِ «الإكمال» غايةَ البيانِ.

وقوله: «أصدقاء» [خ¦٧٠٠٦] جمعُ صديقٍ، وهو الصَّاحبُ، سُمِّيَ بذلك من صدقِ دعوى المودَّةِ أو من ثباتِها ولزومِها، من قولِهم: شيءٌ صَدْقٌ بالفتحِ؛ أي: قويٌّ. وقوله: «فيبعثُ بها إلى أصدِقاءِ خديجةَ» كذا جاءَ في مسلمٍ [خ¦٧٠٠٦]، وذكرَه البُخاريُّ: «في صَدائقِ» [خ¦٣٨١٨] وهو الوجهُ في جمعِ صديقةٍ.

وقوله: «تصدَّقَ رجلٌ من دينارِه، من دِرهَمِه، من ثَوبِه» معناه: ليتصدَّقْ، اللَّفظُ لفظُ الخبرِ، ومعناه الأمرُ.

١٤٧٤ - (ص د ى) قوله: «وكيفَ حياةُ أَصْداءٍ وهَامِ» أنشدَه البُخاريُّ [خ¦٣٢٩١]: الصَّدى هنا ذَكَرُ الهامِ، والهامُ: طائرٌ يطيرُ باللَّيلِ يألفُ القبورَ والخراباتِ، وهو شَبيهٌ بالبومِ، والعربُ تكنِّي عن الميِّتِ بالصَّدى والهامِ، ويقولون: هو هامةُ اليومِ أو غدٍ، ويزعُمونَ أنَّ الميِّتَ إذا ماتَ، خرجَ من رأسِه طائرٌ يقالُ له: الهامةُ والصَّدى.

وقوله: «فتصَدَّى لي رجلٌ» * [خ¦٧٢٠٧] أي: تعرَّضَ لي، وأصلُه: تصدَّدَ، فقُلِبَتِ الدَّالُ الأخيرةُ ياءً، كما قالوا: تقضَّى من تقضَّضَ، وتمطَّى من تمطَّطَ.

[فصل في الاختلاف والوهم]

قوله في حديثِ: الصَّدقةُ أوساخُ النَّاسِ: «أخرِجا ما تصْدِران» كذا عندَ السَّمرقنديِّ: بالدَّالِ بعدَها راءٌ، وقبلَها صادٌ ساكنةٌ، وعندَ غيرِه: «تُصَرِّران» بفتحِ الصَّادِ وراءَين مهملَتَين، وعندَ العُذريِّ مثلُه لكنْ بالسِّينِ، وذكرَه الحُميديُّ: «ما تُصوِّران» بالواو أوَّلاً، ولبعضِهم فيه غيرُ ذلك من التَّصحيفِ والتَّغييرِ، والصَّوابُ في هذا كلِّه قولُ من قالَه بالصَّادِ والرَّاءَينِ: «تصرِّران» وهو الذي ذكرَه أصحابُ الغَريبِ، وتكلَّموا عليه؛ أي: أخرِجا ما جمعتُما في صُرَرِكُما، وأبِيْناه، وكلُّ شيءٍ جمعتَه فقد صررْتَه. ومنه: «المصَرَّاةُ» [خ¦٢١٥١].

<<  <  ج: ص:  >  >>