وقوله في حديقةِ المرأة التي خَرصَها:«أحْصِيها حتَّى نرجِعَ» أي: حَوِّطيها واحفَظيها ليُعلَم صدقُ خَرصِه إذا جُدَّت، والله أعلم؛ بدليلِ آخِر الحديث.
ومنه قوله:«لَا أُحصِي ثَناءً عليك» أي: لا أحيطُ بقَدْرِه، وقيل: لا أُطِيقُه، ولا أبلُغ حقَّ ذلك ولا كُنْهَه وغايتَه، وقال مالك: لا أحصِي نِعمتَك وإحسانَك والثَّناءَ بها عليك وإنِ اجتهدتُ في ذلك.
وقوله في الأسماء:«من أَحصَاها دخلَ الجنَّةَ»[خ¦٢٧٣٦] قيل: من علِمها وأَحاطَ عِلماً بها، وقيل: أحصاها: أطاقها؛ أي: أطاقَ العمَل والطَّاعة بمقتَضى كلِّ اسمٍ منها، وقيل: في قوله تعالى: ﴿عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ﴾ [المزمل: ٢٠] أي: تُطيقُوه، وقيل: معناه: حفِظ القرآنَ فأحصاها بحِفظِه للقرآن، وقيل:«أحصاها» وحَّد بها ودَعا إليها، وقيل: من أحصاها علماً وإيماناً، وقيل: من حفِظها، وبهذا اللَّفظ رواه البخاريُّ في آخِر كتابِ الدَّعوات [خ¦٢٦٧٧]، ومنه قوله:«أكُلَّ القُرآن أحصيتَ … ؟» أي: حفِظت، وقيل: من علِم معانيها وعمِل بها.
وقوله:«استَقِيموا ولن تُحصُوا» أي: الزَموا سلوكَ الطَّريقِ القويمةِ في الشَّريعة، وسَدِّدُوا وقَارِبوا ولا تَغْلوا؛ فلن تَقدِروا الإحاطةَ بأعمالِ البِرِّ كلِّها، ولا تُطيقوا ذلك، وهو مثلُ قوله:(دينُ الله بين المقصِّر والغالي)، وقيل: معناه: لن تُطِيقوا الاستقامةَ في جميعِ الأعمال، وهو يرجِع إلى ما تقدَّم، وقيل:«ولن تُحصُوا» لا تُقَدِّروا ما لكم في ذلك من الثَّواب.
وقوله:«احصُوا لي كم يَلفِظُ بالإسلامِ» أي: عُدُّوهم.
قوله في الحجِّ:«كلُّ حصاةٍ منها حصَى الخَذف» كذا جاء في كتاب مسلمٍ عن عامَّة شيوخِنا، ومعناه: مثلُ حصَى الخَذفِ كما يُقال: زيدٌ الأسدُ؛ أي: مثلُه، وقد جاء في روايةِ القاضي التَّميميِّ:«مثلُ حصَى» مبيَّناً، وكذلك في غيرِ مسلم.
فصلُ الاخْتلافِ والوَهمِ
في حديثِ بدرٍ وضربةِ الملَكِ للمُشرِك:«كضَرْبةِ السَّوْطِ، فاخْضَرَّ ذلك أَجمعُ» كذا لهم، وهو الصَّحيحُ، وفي بعضِ الرِّوايات عن رواة مسلمٍ:«فأحصَى ذلك أجمعَ» بالحاءِ والصَّاد المهملتَين، يعني روايتَه لما ذكَر من الحديثِ وحَفِظه، وهو وهمٌ، والله أعلم.
قوله في (بابِ ما يُصابُ من الطَّعام بأرضِ العَدُوِّ): «وكنَّا مُحاصِرينَ حِصنَ خَيبرَ» * [خ¦٣١٥٣] كذا لكافَّتهم، وهو المعروفُ، وتَقيَّد في كتاب الأَصيليِّ بخطِّه:«مُحاضرِين» بالضَّاد، وهو وهمُ قلمٍ، والله أعلم.