فتقولُ ذلك؛ أي: اجعلْه يَقرؤُه، كما تقولُه في الكتابِ.
وقولُه:«ألا تَدعُني أَسْتَقْرِئُ لك الحديثَ» أي: أتَتبَّعُه وآتي به شيئاً بعدَ شيءٍ، وقد ذكرناه في الهمزةِ.
وقوله:«اسْتقْرِئوا القُرآنَ من أربعةٍ»[خ¦٣٧٥٨] أي: اسْألُوهم أن يُقرِئُوكم استفعلت من ذلك.
١٩١٥ - (ق ر ب) قوله: «القِرَابُ وَمَا فيه»[خ¦٢٦٩٨] قِرابُ السَّيفِ: هو وعاءٌ كالجِرابِ مُستطيلٌ، يُجعَل فيه السَّيفُ بغمدِه والسِّكينُ، وما أشبَهه من سَوطٍ ونحوِه، وما خَفَّ من زادِ الرَّاكبِ، بكسرِ القافِ، وأمَّا بضمِّها فبمعنى قُرْبٍ. ومنه قوله في الحديثِ:«مَن لَقيَني بقُرابِ الأرضِ خَطِيئةً» بضمِّ القافِ؛ أي: ما يُقاربُ مِلأَها، قال لي أبو الحُسينِ: ويقالُ: بقِرَابٍ أيضاً، بكسرِها.
وقوله:«سَدِّدُوا وَقَارِبُوا»[خ¦٦٤٦٤] أي: اقتَصِدُوا ولا تَغْلوا ولا تُقصِّروا، واقرُبوا من الصَّوابِ والسَّدادِ.
وقوله:«إذا اقتَربَ الزَّمانُ لم تَكَد رُؤْيا المؤمن تَكْذِب»[خ¦٧٠١٧] قيل: هو اقترابُه من السَّاعةِ، كقوله:«وَيلٌ للعَربِ من شرٍّ قدِ اقْتَرب»[خ¦٣٣٤٦]، وجاء في حديثٍ آخَر ما يُبيِّنه:«إذا كانَ آخِر الزَّمانِ لم تَكد رُؤيا المؤمنِ تَكْذِبُ» وقيل: تقاربُ اللَّيلِ من النَّهارِ، وهو اعتدالُ الزَّمانِ، وأمَّا في حديثِ أشراطِ السَّاعةِ:«يتقاربُ الزَّمانُ حتَّى تكون السَّنةُ كالشَّهرِ» فقد أشار الخطابيُّ أنَّه على ظاهرِه، وأنَّه قِصَرُ مُدَدها، وقيل: معناه لِطيبِ تلك الأيَّامِ حتَّى تَقصُرُ ولا تُستطالُ، وأمَّا في الحديثِ الآخَر:«يتقاربُ الزَّمانُ وتكثرُ الفِتنُ وينقصُ العِلمُ» * [خ¦٧١٢١] فقيل: هو دُنوُّه من السَّاعة كما تقدَّم، وهو أظهرُ، وقيل: هو قِصَرُ الأعمارِ، وقيل: تقاصرُ اللَّيلِ والنَّهارِ بمعنى الحديثِ الأوَّلِ، وقيل: تقاربُ النَّاسِ في الأحوالِ، وقلَّةُ الدِّينِ والجهل، وعدمُ التَّفاضلِ في الخيرِ والعلمِ والأمرِ بالمعروفِ والنَّهيِ عن المُنكرِ، ويكون أيضاً «يتقاربُ» هنا بمعنى: يَردِي ويَسوءُ؛ لما ذُكِر من كثرةِ الفِتنِ وما دلَّ عليه، ومنه: شيءٌ مقارِبٌ -بكسرِ الرَّاء- عند ابنِ الأعرابي، قال ثابتٌ: وجميعُ أهلِ اللُّغةِ يخالفونَه، يقولونَه بالفتحِ.
وقوله:«فجَلسْنا في أَقْرُبِ السَّفينةِ» قالوا: هو جمعُ قارِبٍ على غيرِ قياسٍ، وهي صغارُها المتصرِّفةُ بالنَّاسِ وأسبابِهم للسُّفنِ الكِبارِ، وفي «مصنفِ» ابنِ أبي شيبةَ: «في قَوارِبِ السَّفينَةِ» مبيَّناً.
وحكى لنا شيخُنا أبو بحرٍ عن شيخِه القاضي الكنانيِّ أنَّ معنى «أَقرُبِ السَّفينةِ» أَدِانيها، كأنَّه يعني ما قَرُب إلى الأرضِ منها،