قوله:«وجعَلْنا مكَّةَ بظَهْرٍ»[خ¦٢٥/ ٨٢ - ٢٥٩٦] أي: من ورَائِنا.
قوله في حَديثٍ آخر في البُخاريِّ:«فظَهَر هؤلاء الَّذين كان بينَهم وبين رَسولِ الله ﷺ عَهْدٌ، فقَنَت رسولُ الله ﷺ شهراً بعدَ الرُّكوع يَدْعُو عليهم»[خ¦٤٠٩٦] كذا في جَميعِ النُّسخِ، ومعناه هنا: غلَب، ولا وَجْه له أقرَب من هذا، والأشبَهُ عندي أن يكون مُغيَّراً من قوله: فغَدَر وهو أشبَه وأصحُّ في المعنى، كما قال في الحديثِ الآخر:«غَدَرُوا بهم فَقَنَتَ شهراً يَدْعُو عَلَيهِم»[خ¦٣٠٦٤].
فصلُ الاخْتلافِ والوَهمِ
قوله في الصَّلاة:«حتَّى يَظلَّ الرَّجُلُ إن يَدْري كم صلَّى»[خ¦١٢٣١] بفتحِ الظَّاء؛ بمعنى يصير، من قوله تعالى: ﴿ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا﴾ [النحل: ٥٨]، كذا رويناه فيها، وكذا قاله الدَّاوديُّ، وقيل:«يظَلَّ» هنا بمعنى: يَبقَى ويدُومُ، كما قال:
وحكى الدَّاوُديُّ أنَّه رُوِي:«يضل» بكسر الضَّاد وفَتحِها من الضَّلالِ، وهو التَّحيُّرُ، والكسرُ في المُستَقبلِ وفَتحُ الماضي أشهَر، كما قال تعالى: ﴿أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا﴾ [البقرة: ٢٨٢] أي: تَنسَى، وكذا جاء في بَعضِ الرِّوايات عن القابسيِّ وابنِ الحذَّاءِ عندنا؛ أي: يتحيَّر ويَسهو، وفسَّره مالكٌ فقال: يَنْسى، من قوله تعالى: ﴿أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا﴾ [البقرة: ٢٨٢] أي: تَنسَى، وهو صحيحٌ أيضاً، والضَّلالُ: النِّسيانُ، وهذا التَّفسيرُ يأتي على غَيرِ روايةِ مالكٍ في كتابه، فإنه إنَّما ذكَره هو بالظَّاء بمعنى: يصير، وهو أليَقُ بالكَلامِ هنا، وقد ذكَرنا ذلك في الضَّاد، وذكَرنا في حرْفِ الهمزة الاختلافَ في «إِنْ يَدْرِي» بالكسر أو الفتح، وتصويبُ الكسر فيه: أنَّ «إنْ» هنا بمعنى ما في الرِّواية الواحدةِ، وبالوَجهَين على الأخرى.