١١٣ - لحرفِ الباء مَواضِع في لسانِ العَربِ، وتَدخُل على الأسماءِ فتُخفِضها لمعانٍ شتَّى، وكذا جاءَت في كتابِ الله تعالى، وحَديثِ نبيّه ﷺ وأصْحابِه ﵃.
وأصلُها وجُلُّ مَعانِيها (الإلْزاق) لما ذُكِر قبلَها من اسمٍ أو فعلٍ بمن ضُمَّت إليه، فإذا قُلتَ: مرَرتُ بزَيدٍ؛ فمَعناه ألزَقْت مُروري به، وإذا قُلتَ: المالُ بيدِ زيدٍ؛ فقد ألزَقْت به المال، وكذلك إذا دخَلتْ للقَسمِ في قَولِك: بالله لا فعَلْت كذا؛ فمعناه أحلِفُ بالله وألزَقْت به قَسمِي، فحُذِفَ الفِعل لدَلالةِ الباء عليه، بدَليلِ أنَّكَ إذا حذَفْت الباء ظهَر عمل الفِعل المَحذوف في الاسم، فقُلت: اللهِ لتَضرِبَن زيداً بالنَّصبِ، هذا كلامُ العربِ إلَّا في قَولِهم: اللهِ لآتِيكَ، فإنَّه عندَهم خفض، وقد روَى الرُّواةُ في قَولِه:«إنِّي مُعسرٌ، فقال: آللهِ؟ قال: آللهِ» بالكَسرِ والفَتحِ، وأكثرُ أهلِ العَربيَّة يمنَعون الفتحَ ولا يجيزُون إلَّا الكسر، سواء جئت بحَرفِ القَسمِ أو حذَفتَه، فالباءُ مع هذا تأتي زائدة لا معنَى لها.
قوله:«وصلِّ الصُّبح بغَبشٍ» أي: في غَبَشٍ، وفي قَولِه:«أكثرتُ عليكم بالسِّواك»، ويُروَى:«في السِّواك»[خ¦٨٨٨].
ومِثلُه:«كنَّا نتحدَّث بحَجَّة الوَداعِ -وعند الأَصيليِّ: في حَجَّة الوَداع- ولا نَدري ما حَجَّةُ الوَداعِ»[خ¦٤٤٠٢] أي: كُنَّا نُكرِّرها ونَذكُر اسمها، (الباء) هنا و (في) بمعنًى، كما قيل في قَولِه تعالى: ﴿وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا﴾ [مريم: ٤] أي: في دُعائك، وقيل: معناها هنا: (مِنْ أجْلِ).
ومِثلُه قوله:«فلم أزل أسجدُ بها»[خ¦٧٦٦]، ويُروَى:«فيها»[خ¦١٠٧٨] يعني السَّجدة في (﴿انشَقَّتْ﴾ [الانشقاق: ١]).
وقوله:«أتريدُ أن تَجعلَها بي» أي: تُلزِمني هذه المَسألةَ وتُوَلِّيني دَرْكَ فُتْيَاها، والهاء في «تَجعلَها» عائد على القصَّة أو الفُتيا وشِبهِه، وقد تكون بمعنَى:(مِنْ أَجْلِ)؛ أي: