١١٧ - (ب أ س) وقوله في صِفَة أهلِ الجنَّةِ: «لا يَبْأَسُ»، و «لا تَبْأَسُوا» بسُكونِ الباء وفَتحِ الهَمزةِ؛ أي: لا يُصِيبه بأساء؛ وهي الشِّدَّةُ في الحال وتَغيِّره والابْتِلاء ونَقْص المالِ، وهو البُؤْس والبُوس والبَأْس، ومنه:«هل رأيتَ بُؤساً قطُّ» يُنوَّن ولا يُنوَّن، والرِّوايةُ بالتَّنوينِ.
وفي الحَديثِ:«أذْهبِ البأْسَ ربَّ النَّاسِ»[خ¦٥٦٧٥] البَأسُ شِدَّة المَرضِ، والبَأسُ أيضاً الحربُ، ومنه:«كُنَّا إذا احمرَّ البأسُ»، و «أن لا يجعلَ بَأسَهم بينهم»، ومنه:«لكنِ البائسُ سعدُ بن خولةَ»[خ¦١٢٩٥]، ومنه:«بؤس ابن سُميَّةَ» أي: يا بؤسه وما يَلقاه من شِدَّة حالِه.
وقولُ عمرَ ﵁:«عسى الغُوَيرُ أبْؤُساً»[خ¦٥٢/ ١٦ - ٤١٦١] جمعُ بأس هو مَثَلٌ ضَرَبَهُ؛ أي: إيَّاك أن يكون ورَاءَ هذا الظَّاهر باطن سُوء، ويأتي تَفسِيره في حَرفِ الغَينِ بأشْبَع من هذا، ونصب «أبْؤُساً» على إضْمارِ فِعْلٍ؛ أي: يُحدِث أبْؤُساً أو يُسبِّب أبْؤُساً.
قوله:«لم يَبْتَئِر عندَ الله خيراً»[خ¦٦٤٨١] كذا روايةُ الكافَّةِ بتَقديمِ الباء أوَّلاً ساكِنَة، وفتح التَّاء باثنتَين فوقَها بعد، وهمزة مَكسُورة ثمَّ راء، وفي روايةِ ابنِ أسَدٍ عن ابنِ السَّكن:«لم يَأتَبِر» بتَقديمِ الهَمزةِ ثمَّ التَّاء باثنتَين بعدَها، ثمَّ الباء بواحِدَة، وهما صحيحان بمعنًى واحدٍ، ومعناه: لم يُقدِّم خيراً.
وقد جاء مُفسَّراً في الحَديثِ عند البُخاريِّ:«لم يدِّخِرْ»[خ¦٦٤٨١]، يقال: بأَرْتُ الشَّيءَ وابتَأرْتُه وائتَبرْتُه إذا ادَّخَرته وخبَأته، ومنه قيل للحُفرةِ: البُؤرَةُ.
ووقَع في كتاب التَّوحيدِ من كتابِ البُخاريِّ للمَروَزيِّ:«لم يَبتئِرْ أو يبتئِزْ»[خ¦٧٥٠٨] بالشَّكِّ في الزَّاي والرَّاء فقط، وللجُرجانيِّ:«أو ينتَئِز» بالنُّون والزَّاي، وكِلاهُما غيرُ صَحيحٍ إلَّا الوَجهَين الأوَّلين.
وقد روَى هذا الحرفَ بعضُ أهلِ الحَديثِ في غَيرِ «الصَّحيحَين»: «يَنتَهِز» بالهاء بدَلاً من الهَمزةِ، وبعضُهم:«ما امتأر» بالميمِ بدَلاً من الباء، وكِلاهُما صحيحٌ بمعنَى الأوَّلَين.
وقوله في (بابِ قِتال الذينَ يَنتَعِلون الشِّعر): «وهو هذا البارَزُ، وقال سُفيانُ مرَّةً: وهم أهلُ البارَزِ» كذا قَيَّده الأَصيليُّ بتَقديمِ الرَّاء على الزَّاي وفَتحِها، ووافَقه على ذلك