للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أكثرُ الرُّواةِ ابنُ السَّكنِ وغيرُه، إلَّا أنَّهم ضبَطُوه بكَسرِ الرَّاء، وقيَّده كذا بعضُهم، قال القابِسيُّ: يعني البارِزُون لقتال الإسْلامِ؛ أي: الظَّاهِرون وقيَّده أبو ذَرٍّ في اللَّفظ الآخر: «البازَرُ» [خ¦٣٥٩١] بتَقديمِ الزَّاي مَفتُوحَة.

في حَديثِ إدام أهلِ الجنَّة قال: «بَالامٌ ونُونٌ» [خ¦٦٥٢٠] بفَتحِ الباء بواحِدَة ولام مخفَّفة وآخِرُه ميمٌ، كذا جاء من جميعِ الرِّوايات، إلَّا أنَّه جاء للمَروَزيِّ في آخر كتابِ الرِّقائقِ: «بالَلَام» بنَصبِ اللَّامَين، والمَعروفُ: «بَالَامٌ» كما قُلنا قبلُ، وفسَّره في الحَديِث بالثَّورِ، والنُّونَ بالحُوتِ.

فأمَّا «النُّونُ» فمَعروفٌ في كَلامِ العَربِ، وفي كتابِ الله تعالى، وأمَّا «بَالَامٌ» فلَيسَت هذه الكَلِمة بعربِيَّة والله أعلم، ولا ذكَرها أحدٌ على لسانِ العَربِ.

ووَجدْتُ هذا الحرفَ في هذا الحَديثِ في مُختَصرِ الحُميديِّ قال: «بِالَّلأَي» بباءِ الإلْزاقِ المَكسُورةِ ولامٍ مُشدَّدة مَفتُوحة بعدَها همزَةٌ مَفتُوحة، واللَّأيُ في لِسان العَربِ الثَّورُ الوَحشِيُّ على وَزنِ اللَّمَيُ، وما أعلَم من روَاه هكذا إلَّا ما رأَيتُه له، فإن كان إصْلاحاً ممَّا ظنَّه مُصحَّفاً فقد بقِيَت لنا زِيادَة الميم من بَالَامٍ، إلَّا أن يقول: إنَّها صُحِّفت من الياء المَقصُورة من اللَّأي.

وذكَر الخَطَّابيُّ في شَرحِه هذا الحرفَ على ما روَاه النَّاسُ، وقال: لعلَّ اليَهوديَّ أَراد التَعْمِيَة فقَطَع الهِجاء، وقدَّم أحدَ الحَرفَين، وإنَّما الرُّتبةُ لام ياء هجاء (لَأَيٍ) على وزْن (لَعَي)؛ أي: ثورٍ، فصحَّف فيه الرَّاوي، فقال: «بَالَامٌ»؛ يريد بالباء، وإنَّما هو «يالَام» بحَرفِ العلَّة، قال: هذا أقرَبُ ما يقَع لي فيه إلَّا أنْ يكون عبَّر عنه بلِسانِه، ويكون ذلك في لِسانِهم: يلا، وأكثَرُ العِبرانية فيما يقُولُونه مَقلُوب على لسان العَربِ بتَقدِيم الحُروفِ وتَأخِيرها، وقد قيل: إنَّ العِبرانَ هو العِربان، فقدَّموا الباء وأخَّروا الرَّاء.

قال القاضي : وكلُّ هذا مع ما فيه من التَّحكُّم والتَّكلُّف غيرُ مُسلَّم؛ لأنَّ هجاء اللَّأَى: لام وألف، وبلا: لام باء، كما قال، وأولى ما يُقال في ذلك: أن تَقرَأ الكَلِمة على وَجهِها، وتكون كَلِمة عِبرانِية، ألا ترَى كيف سألوا اليَهودِيَّ عن تَفسِيرها لمَّا ذكَرَها، ولو كانت كما قال الحُميديُّ باللَّأَي لمَّا سَألُوه، ولعَرفَت الصَّحابةُ الكَلِمةَ؛ لأنَّها عَربِيَّة.

وفي حَديثِ الدَّجَّالِ وفَتحِ قِسطَنطِينة: «إذ سَمِعوا ببأسٍ هو أكبرُ من ذلك» كذا عند السَّمرقَنديِّ وبَعضِ طرُق ابنِ ماهَانَ: بالباء بواحِدَة في الحرفَينِ؛ أي: بشدَّة، وعند العُذريِّ:

<<  <  ج: ص:  >  >>