وقوله:«فادعُ الله يُغِيثُنا»[خ¦١٠١٣] بضمِّ الثَّاءِ، كذا لابنِ الحذَّاءِ، ولرواةِ البُخاريِّ في كتابِ الاستسقاءِ؛ «أي: ادعُه بأن يَغيثَنا»، وجوابُ الأمرِ محذوفٌ يدلُّ عليه الكلامُ؛ أي: يجبكَ أو يُحيِي النَّاسَ ونحوَه، كقوله في الرِّواية الأخرَى:«ادعُ الله أن يَسقِينَا»[خ¦٩٣٢] وعندَ أكثرِهم: «يُغِثْنا» على الجوابِ، ومنهم من ضمَّ الياءَ من الإغاثةِ ومنهم من فتحَها من الغَيثِ والغَوثِ معاً، وكذلك يجوزُ في اللَّفظِ الأوَّلِ.
وقوله:«اللَّهمُّ أغِثنَا»[خ¦١٠١٤] كذا الرِّوايةُ، وهي من الإغاثةِ والغَوثِ، وهي الإجابةُ لا من الغَيثِ؛ أي: تدارَكْنا من عندِك بغَوثٍ، يقال من ذلك: غَاثَه الله، وأَغَاثَه والرُّباعيُّ اللُّغةُ العاليةُ، وقال ابنُ دريدٍ: الأصلُ غَاثه يَغُوثُه غَوثاً فأُمِيتَ واستُعمِل أغَاثَه يُغيثُه إِغاثَةً، ومن فتحَ الياءَ فمنَ الغَيْثِ، يقال: غِيثَتِ الأرضُ وغاثَها الله بالمطرِ، ولا يُقال مِنه: أَغاثَ.
ويحتمل أن يكون:«اللَّهمَّ أغِثنا» أي: أعطِنا غَيثاً كما قيل في (أسقَينا)؛ أي: جَعلنا لهم سُقيا، وسَقَينا: ناولناهُم ذلك، وقيل: هما لُغتانِ، وفي «البارعِ»: قال أبو زيدٍ: «اللَّهمُّ أغِثنَا» أي: تدارَكنا من قِبَلِك بِغِيَاثٍ.
١٧٧٣ - (غ و ر) قوله: «غَائِرُ العَينَين»[خ¦٣٣٤٤] أي: غيرُ جاحظتَينِ بل داخلتانِ في نُقرتِهما، والعربُ تُسمِّي العظمَينِ اللذين فيهما المُقلتانِ: الغارَينِ.
وقوله:«أغَارَ على بَنِي فُلان»[خ¦٢٥٤١]، و «أشرِق ثَبِيرُ كَيمَا نُغِير» أصلُ الإغارةِ الدَّفعُ على القومِ لاستلابِ أموالِهم ونفوسِهم، وقول عمرَ:«عَسَى الغُويَرُ أبْؤُسَاً»[خ¦٥٢/ ١٦ - ٤١٦١] للذي أتاه بمنبوذٍ، مَثَلٌ ضربَه؛ لأنَّه اتَّهمَه أن يكونَ صاحبَه، فضربَ له هذا المثلَ؛ أي: عسَى أن يكونَ باطنُ أمركَ رديّاً، وللمثلِ قصَّةٌ مع الزَّبَّاءِ وقصيرٍ مذكورةٌ.
والغُويرُ: ماءٌ لكلبٍ سَلَكَه قصيرٌ، وقيل: بل هو في غيرِ هذه القِصَّةِ، وإنَّه تصغيرُ غارٍ، كان فيه ناسٌ فانهارَ عليهم، أو أتاهُم فيه عدوٌّ قتلَهم، فصارَ مثلاً لكلِّ ما يُخاف أن يأتي منه شرٌّ، وقيل: الغُويرُ: طريقُ قومٍ من العربِ يُغيرون منه، فكان غيرُهم يتواصَون بحراستِه لئلَّا يأتيهم منه بأسٌ، وقيل: هو نفقٌ في حِصن الزَّبَّاءِ، وقال الحربيُّ: معنى الغويرُ هنا: الفَرْجُ؛ وهو الغَارُ مُصغَّراً، أرادَ عساكَ أصبتَ بفَرجِك بأساً وأنت صاحِبُه، فهو من سَبَبِ غُويرِكَ، وهُو فَرْجُك، وقد تَقَدَّم في الباءِ وجهُ نصبِ أبؤساً في العربيَّةِ.