و «جَهْدِ المدينةِ» بمعناه؛ أي: شِدَّتها، و «بلغَ منَّي الجَهْدَ» الغايةُ في المشقَّة، ومن قال هنا:«الجُهد» بالضَّمِّ فعلى مَن فرَّق، فيكونُ بمعنَى: وُسْعُ المَلَك وطاقتُه من غطِّه، ويجِب أن يكونَ «الجُهد» على ذلك منصوبَ الدَّال مفعولاً بـ: «بلَغ»، والملَكُ هو الفاعل، وعلى الوجهِ الآخَر:«الجَهدُ» هو الفاعل، و «جَهْدِ البلاءِ» قيل: شِدَّتُه والحالةُ التي يتمنَّى الإنسانُ فيها الموتَ ويختارُه، وجاء في الحديث تفسيرُه:«أنَّه الصَّبر»، وعن ابنِ عمر أنَّه:«قِلَّةُ المالِ وكثرةُ العِيال».
وفي الحديثِ في الجِماع:«ثمَّ جَهَدَها»[خ¦٢٩١] أي: بالَغ في معاناةِ ذلك العملِ والحركةِ فيه، كنايةٌ عن المبالغةِ في ذلك، أو فيما بلَغ منها هي في ذلك، يُقال: جَهَدتُ نفسِي والفرسَ والرَّجلَ على فعلِ كذا وأَجْهَدتُه: بلَغتُ مشقَّتَه وأخرَجتُ ما فيه من الجَهْد، وقال الخَطَّابيُّ: الجَهدُ: من أسماء النِّكاح.
وقوله:«ما أَذِنَ الله لنبيٍّ إذْنَه لنبيٍّ حسَنِ الصَّوت يَتغَنَّى بالقرآن يَجهَرُ به» * [خ¦٥٠٢٣] حمَله بعضُهم على جوازِ قراءةِ القرآن بالألحان، وتأوَّل بعضُهم قولَه:«يجهَر به» على تفسيرِ ما قبلَه على ظاهره من رفعِ صوتِه به وتحسِينه، وقيل: معناه تحزِينُه، وقيل: رفعُ الصَّوت به، وسيأتي بعدُ الكلامُ على التَّحسِين وعلى التَّغنِّي في حرفَيهما.
٤٠١ - (ج هـ ز) وقوله: «أُجهِّزُ جَيشِي»[خ¦٢١/ ١٨ - ١٩٢٩]، و «أَمرَ بجَهازِه»[خ¦٣٣١٩]، «وتَجَهَّز رسولُ الله»[خ¦٤٤١٨]، و «قد قضيتَ جَهازَك»، «ولم أَقْضِ مِن جَهَازي»[خ¦٤٤١٨] جَهَزتُ القومَ إذا تكفلَّتَ لهم جَهاز السَّفر، وهو ما يُحتاج إليه فيه، والجَهاز بالفتح؛ قال الله تعالى: ﴿وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ﴾ [يوسف: ٥٩]، وقاله بعضُهم بالكسرِ، وخطَّأه بعضُهم.
٤٠٢ - (ج هـ ل) وقوله في الصَّائم: «فلا يرفُثْ ولا يَجهَلْ»[خ¦١٨٩٤] أي: لا يَقُلْ قولَ أهلِ الجهل من رفَثِ الكلام والسَّفَه، أو لا يشتِمُ أحداً ويَجْفُه، يُقال: جَهِل على فلانٍ إذا جَفاه، ومثلُه قوله:«وأَحلُمُ عنهم ويَجهَلون عَليَّ»، ومثلُه:«من لم يدَعْ قولَ الزُّور … والجهلَ»[خ¦٦٠٥٧].
وقوله:«فمِيتَتُه جاهليَّةٌ»[خ¦٧٠٥٤] أي: على صفةِ حالِ الجاهليَّة من أنَّهم لا يطِيعون لإمامٍ ولا يَدينون بما يجِب من ذلك،