للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

اسمٌ؛ أي: لم أكتَرِث به، ولم أُبَلْ بالأمرِ، ولم أباله، فمَن قال: لم أُبَلْ حذَف على غير قياسٍ؛ لأنَّ اللَّام مُتحرِّكةٌ فلا يجُوزُ حذفُ الألفِ، وذكَره صاحبُ «العين» ومُختصِره في حَرفِ المُعتلِّ بالواو، وقال سِيبُويه في بالة: كأنَّه بالِيَة، كعافِيَة، يريد فحُذِفت الياء ونُقِلت حرَكتها على اللَّام.

والبالُ أيضاً الحالُ؛ ومنه: «وما بالُ النَّاسِ» [خ¦٣١٤٢] أي: حالُهم، وفلانٌ رَخيُّ البَالِ؛ أي: الحالِ، وقيل: المَعيشَة؛ أي: حَسَنُها، ومنه: ناعِمُ البال، وكلُّه راجعٌ إلى الحالِ، و «يُصلِح بالَكم» [خ¦٦٢٢٤] في القُرآنِ والحَديثِ، ومنه: «ما بالُ هذه» [خ¦٢١٠٥] أي: ما حالُها وشَأنُها، و «فما بالُ الطَّعام» في حَديثِ صِفَة أهلِ الجنَّةِ؛ أي: ما حَالُه وشَأنُه.

والبال أيضاً الفِكرُ؛ ومنه: قام ببَالِي كذا، وقيل: بل هو هنا الهمُّ، راجعٌ إلى نَحوِ ما تقدَّم.

وقوله: «بالَ الشَّيطانُ في أذُنَيه» [خ¦١١٤٤] ذكَر الطَّحاويُّ أنَّه استِعارَةٌ لا على الحَقيقَةِ، وعِبارَة عن الطَّوعِ له وفعلِ أقبَح ما يُفعَل بالنُّوَّام، ومن يُذَلُّ ويُقهَرُ، وقال الحربيُّ: «بالَ» هنا بمعنى ظهَر عليه، وسَخِر منه، وقال ابنُ قُتيبَةَ: معناه هنا: أفسَدَه، وقال غيرُه: يقال لمن استَخَف بإنسانٍ وخدَعَه: بال في أذُنِه، ومنه قوله تعالى: ﴿اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ﴾ [المجادلة: ١٩].

قيل: ويجُوز أن يكون معناه: أخذَه بسَمعِه على سَمَاع نِداء المَلَكِ: «هل مِنْ داعٍ فأستَجيبَ له» الحديثَ، وشُغْلِه لَه بوَسوَسته وتَزيِينِه النَّومَ له، فهو كالبَولِ في أذُنِه؛ لأنَّه نجسٌ خبِيثٌ مخبثٌ، وأفعالُه كذلك.

قال القاضي : ومثلُ هذا قولهم: تفَل فلانٌ في أذُن فُلانٍ، ونفَث في أذُنِه إذا ناجاه.

قال القاضي : ولا يبعُدُ أن يكون على وَجهِه، ومَقصِدُ الشَّيطان بذلك إذْلاله أو تمام طاعَتِه له، وتَأَتِّي ما يريد منه، لِمَا أطاعَه أوَّل أمرِه بتَركِ القِيامِ للصَّلاةِ والفِعل لما أراد مكَّنه الله منه، ولم يَمنَعه مانعٌ للبَولِ في أذُنِه حتَّى استَغرَق في نَومِه وبلَغ منه تمام مُرادِه.

وقد يكون «بال في أذنه» كِناية عن ضَربِ النَّومِ عليه، واستَعارَ ذلك له، وخصَّه بالأذُن؛ لكَونِها حاسَّةُ المُنتَبِه بكلِّ حالٍ، ومُوقِظةُ النَّائم بما يطرَأ عليه من الأصْواتِ، كما قال تعالى: ﴿فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا﴾ [الكهف: ١١] فخَصَّ الضَّربَ بالأذُنِ.

٢٢٠ - (ب و ن) وقوله في تَطبيقِ النَّاس في العَدالةِ: «بَونُ ما بينَهما» أي: بُعدُه أو اختِلافُه،

<<  <  ج: ص:  >  >>