وقد يكون ذلك من قائله دَهشاً لعَظيمِ ما شاهَد من حالِ النَّبيِّ ﷺ، واشتدادِ الوَجعِ به، كما جاء في الحَديثِ، وعظيمِ الأمرِ الَّذي كانَت فيه المُخالَفةُ، حتَّى لم يَضبِط كلامَه ولا تَفقَّه، كما اتفَق لعمرَ من قَولِه:«إنَّه لم يَمُتْ … »[خ¦٣٠٦٢] الحديثَ.
قوله:«ليسَ له هِجِّيرَى إلَّا، يا عبدَ الله … قامَت السَّاعةُ» كذا رَوَيناه من طريقِ الشَّاشيِّ، وكذا عند التَّميميِّ، مثل خِلِّيفَى، ورَوَيناه من طريقِ العُذريِّ:«هِجِّير»، والصَّوابُ الأوَّلُ، قال ابنُ دُريدٍ: يقال: ما زال ذلك هِجِّيراه وإِهجِيرَاه؛ أي: دأبه وشأنه، وقال أبو عليٍّ القَاليُّ: الهِجِّيرى: العَادةُ، والهِجِّيرى أيضاً كثرةُ القَولِ والكَلامِ بالشَّيءِ، قال: وهو راجعٌ إلى الأَولِ.
الهَاء مع الدَّال
٢٢٦٦ - (هـ د أ) قوله: «بعد هَدْءٍ من اللَّيلِ» أي: بعد نَومةٍ وهُدوءِ النَّاس وسُكونِهم، والأصلُ فيه السُّكونُ، يقال: هدَأ يَهدَأ إذا سكَن.
وقوله في بلالٍ:«فلم يزَلْ يُهدِّئه كما يُهدَّأُ الصَّبيُّ» أي: يُسكِّنه ويُنوِّمه، من هدَأتُ الصَّبيَّ إذا وضَعتَ يدَك عليه لينامَ، وفي روايةِ المهلَّب:«يُهدِّيه» غير مَهمُوز على التَّسهيلِ، ويقال في ذلك أيضاً: يَهدِنُه ويُهدْهِدُه، وقد رُوِي «يُهَدْهِدُه» في حَديثِ بلالٍ، وقيل: هو الأصوَبُ هنا، من هَدْهَدَتِ الأمُّ ولدَها لينامَ؛ أي: حرَّكَتْه.
وقوله في حَديثِ أبي طَلحَةَ:«إنَّ الصَّبيَّ هَدَأتْ نفسُه»[خ¦١٣٠١] من هذا؛ أي: سكنت، تُعَرِّض له بالنَّومِ، ومُرادُها الموت.
٢٢٦٧ - (هـ د ب) قوله: «ثِياب مُهَدَّبَة»، و «الإزَار المُهَدَّب»[خ¦٧٧/ ٦ - ٨٦٢٢] بتَشديدِ الدَّال الَّذي له هُدبٌ، وهي أطرافٌ من سَدَاةٍ لم تُلحَم، تُترَك في طرَفَيه، وربَّما فتلت يقصُدُ به بقاؤه، قاله الحربيُّ، وقد يُقصَد به جماله أيضاً، وفسَّره بعضُهم بما له خَملٌ، ولم يقُل شيئاً، وهي الأهدَابُ والهدبُ، وواحِدتُها: هُدبَة، ومنه:«وإنَّما معَه مثلُ الهُدْبَةِ»[خ¦٢٦٣٩] تريدُ الخصلَة الواحِدَة من الهدبِ، ومثَّلت ذَكَره هُدبَة الثَّوبِ وهُدبَة الإزارِ.
وقوله:«أَينعَتْ له ثَمرَتُه فهو يَهْدبُها»[خ¦١٢٧٦] بكَسرِ الدَّالِ وضَمِّها؛ أي: يجنِيهَا، يقال منه: هدَب يهدِب ويهدُب، وهو نوعٌ من الاحتلابِ حينَ جَمعِها، وهدَب النَّاقةَ: حلَبَها.