وفي مُقامِه ﷺ بمكَّةَ:«قلتُ: فإنَّ ابنَ عبَّاسٍ قال: بِضعَ عشْرةَ سنةً، قال: يعني عروةُ فصغَّرَه» كذا بتشديدِ الغينِ المعجَمةِ عندَ بعضِ الرُّواةِ، وعندَ السَّمرقنديِّ والسِّجزيِّ:«فغفَّره» بغينٍ معجَمةٍ وفاءٍ مشدَّدةٍ وللعُذريِّ: «فغفَّروه» مثلُه لكن بزيادةِ الواوِ، وكلٌّ له معنًى صحيحٌ إن شاءَ الله، أمَّا الأوَّلُ فكأنَّه استَصغرَ سنَّ ابنِ عبَّاسٍ عن ضبطِ ذلك؛ أي كأنَّه قال: كان صغيراً ولم يُدرِكِ الأمرَ ولا شاهدَه، إذ مولدُه قبلَ الهجرةِ بيسيرٍ على خلافٍ في ذلك.
وقوله:«فغفَّرَه» أي: قال له: يغفرُ الله له، كأنَّه وهَّمه فيما قالَه، وكذلك: بزيادةِ الواوِ، كأنَّ الحاضرينَ قالوا ذلك له، ويدلُّ على ما تأوَّلناه قولُه أثرَ هذا:«إنَّما أخذَه من قولِ الشَّاعرِ» يريدُ أنَّه لم يدرِكْ ذلك ولا شاهَدَه، وإنَّما قلَّدَ فيه الشَّاعرَ، يريدُ قولَ: صِرمةَ بن أنسٍ:
ثَوى في قريشٍ بِضْعَ عشْرةَ حَجَّةً
الصَّاد مع الفاء
١٥١١ - (ص ف ح) قوله: «تصافَحُوا يَذْهبِ الغِلُّ» ظاهرُه المصافحةُ بالأيدي عندَ السَّلامِ واللِّقاءِ، وهي ضربُ بعضِها ببعضٍ، والتقاءُ صِفاحِهما، وقد اختلفَ العلماءُ في هذا، والأكثرُ على جوازِه، وقيل: تصافَحوا أي: ليصفَحْ بعضُكم عن بعضٍ ويعْفُ، وضدُّه: المشاحَّةُ والمناقشةُ التي تولِّدُ الأضغانَ والحقودَ.
وقوله:«لَضرَبتُه بالسَّيفِ غيرَ مُصْفحٍ»[خ¦٦٨٤٦] بكسرِ الفاءِ وسكونِ الصَّادِ، وقد رويناه أيضاً بفتحِ الفاءِ؛ أي: غيرَ ضاربٍ بعرْضِه، بل بحَدِّه تأكيداً لبيانِ ضربِه به لقتْلِه، فمَنْ فتحَ جعلَه وصفاً للسَّيفِ وحالاً منه، ومن كسرَ جعلَه وصفاً للضَّاربِ وحالاً منه، وصَفْحا السَّيفِ وجهاه العَريضانِ، وغِرَاراه: حدَّاه.
وقوله:«صفيحةٌ يمانيَةٌ»[خ¦٤٢٦٥] هي الصَّفيحةُ من السُّيوفِ: العريضُ.
وقوله:«صَفحَةُ عاتقِه»[خ¦٦٠٨٨] أي: جانبُه، والعاتقُ: ما بينَ المنكبِ إلى أصلِ العُنقِ، صفحةُ العنقِ وصفحتُه جانبُه. وكذلك قوله في البُدْنِ:«اصبُغْ نعلَيها في دَمِها، ثمَّ اجعَلْه على صَفْحَتَيها» أي: جانِبَيها، وكذلك صفحةُ الوجهِ. ومنه:«فإنَّهُ مَنْ يُبدِ لنا صَفْحَتَه نُقِمْ عليه الحدَّ» أي: من انكشَفَ ولم يستتِرْ، وأصلُه من الوجهِ، وصَفْحُ