وقوله:«يُستسقَى الغَمَامُ بوجهِه»[خ¦١٠٠٨] هو السَّحابُ، قال نفطويه: هو الغيمُ الأبيضُ، سُمِّي بذلك؛ لأنَّه يُغِمُّ السَّماءَ؛ أي: يستُرها، وقيل: سُمِّي بذلك من أجلِ إلقاحِه بالماءِ؛ لأنَّه يَغُمُّه في جوفِه، قال شمرٌ: ويجوزُ أن يُسمَّى غماماً؛ من أجل غَمْغَمَتِه؛ وهو صوتُه، والغمامُ واحدٌ وجماعةٌ واحدتُها غمامةٌ.
في كتابِ النِّكاحِ؛ في الهدَّيةِ للعروسِ من قولِ أنسٍ، في خبرِ الذينَ أطالوا الجلوسَ عندَ النَّبيِّ ﷺ في وليمةِ زينبَ:«فجعلتُ أغْتَمُّ لذلك»[خ¦٥١٦٣] مشدَّدَ الميم؛ أي: أصابَني الغَمُّ لتأذِّي النَّبيِّ ﷺ بذلك، ورأيتُ بعضَ الشَّارحينَ قد اختلطَ عليه ضبطُه حتَّى لم يَعرِف معناه، وقال: أظنُّه «أَعتِمُ» بعينٍ مهملةٍ وتاءٍ مكسورةٍ مخفَّفَ الميم، وفسَّره بمعنى: أبطئُ ولا معنى له هنا!.
وإنَّما أرادَ أنسٌ أنَّه اغتَمَّ لاغتمام رسولِ الله ﷺ، وشغل سرَّه بالذين قعدُوا يتحدَّثونَ في بيتِه، وتأذِّيه من ذلك واستحيائِه منهم، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ﴾ [الأحزاب: ٥٣] الآية.
ومنه قوله في حديثٍ آخرَ:«مَغمُوماً»، وقوله تعالى: ﴿مِّن بَعْدِ الْغَمِّ﴾ [آل عمران: ١٥٤] وسُمِّي الغَمُّ غمّاً؛ لاشتمالِه على القلبِ.
وقوله:«تأتي البقرةُ وآلُ عمرانَ كأَنَّهما غَمامتانِ أو غَيايتانِ» بميمَينِ في الأوَّلِ وياءَينِ باثنتَينِ تحتَهما في الثَّاني؛ أي: سحابتَينِ، بمعنًى.
وقوله:«لا أرَى إلَّا مَغمُوصاً عليه»[خ¦٤٤١٨] أي: مطعُوناً عليه بالنِّفاقِ.
وقوله في أمِّ سُلَيمٍ وهي أمُّ أنسٍ:«الغُمَيصَاء» هي التي في عينِها غَمَصٌ، وهو مثلُ الرَّمَصِ، وهو قذىً تقذفُه العينُ، وقيل: انكسارٌ في العينِ، وكانت أمُّ أنسٍ تُعرَف بالوصفَينِ معاً «الغُميصاءُ» و «الرُّمَيصَاء» وجاءَ اللَّفظان في الحديثِ؛ في مسلمٍ بالغين مُصغَّراً، وفي البُخاري بالرَّاءِ مُصغَّراً [خ¦٣٦٧٩]، وفي غيرِ هذه الكُتبِ: بالرَّاءِ مكبَّراً، وقال بعضُهم: إنَّ المشهورَ أنَّ الغُميصاءَ إنَّما هيَ أمُّ حرامَ بنتُ ملحانَ أختُ أمِّ سُلَيمٍ، وأمَّا أمُّ سُلَيمٍ فالرُّميصاءُ بالرَّاءِ، وهذا الحديثُ يردُّ قوله، وقد ذكرناه في حرفِ الرَّاءِ.
١٧٥٥ - (غ م ض) قوله: «فأغْمَضَه» أي: أطبقَ أجفانَ عينَيه بعضَها على بعضٍ، يقال: أغمضَ الرَّجلُ: إذا نامَ، ومنه: أَغمضتُه عندَ الموتِ.