في (باب الشُّربِ قائماً): «شرِب رسولُ الله ﷺ من زَمزَمَ، فشربَ قَائِماً واستَسقَى» كذا لهم، وعند ابنِ الحذَّاءِ:«واستقى»، والأوَّل الصَّوابُ؛ لأنَّه قد جاء في الحَديثِ أنَّه لم يَستقِ، واعتذَر عن ذلك بقَولِه:«لولا أن يغلبكم عليها النَّاس لفعلت» أي: يستنُّوا بفِعْله فتخرج السِّقاية عن أهلِها.
وفي خبرِ المَزَادَتَين:«فسَقَى من سَقَى» كذا عند الأَصيليِّ وأبي ذرٍّ، وعند القابِسيِّ وابنِ السَّكن:«فسَقَى من شاء»[خ¦٣٤٤]، وكلاهما صَواب؛ أي: سقَى من سقَى دابتَه، وهو الَّذي شاء أن يسقي.
وفي حديثِ الحُديبِيَة في الفَضائلِ في مُسلمٍ:«حتَّى استقى النَّاس»، وفي رواية:«حتَّى أسفى النَّاسَ» أي: أبلغَهم من الرَّيِّ آمالهم، ويكون «النَّاس» هنا نصباً، والصَّحيحُ الأول.
وفي الأشرِبَة في ذِكْر الأوْعِية في البُخاريِّ في حَديثِ عبدِ الله بنِ عَمرٍو من رِوايَة سُفيانَ عن سُليمانَ الأحولِ:«لمَّا نهى النَّبيُّ ﷺ عن الأسْقِية قيل … ليس كل النَّاس يجدُ سِقَاءً»[خ¦٥٥٩٣]، ذِكرُ الأسقِيَة هنا وَهمٌ، وصَوابُه:«نهى عن الأَوعِيةِ والظُّروفِ»[خ¦٥٥٩٣] كما جاء في غَيرِ هذا، وقد قيل قوله:«ليس كل النَّاس يجِدُ سِقَاء» فدَل على إباحة الأسْقِية، وكما قال في حَديثِ عبدِ القَيسِ ففيم نشرَب؟ «قال: في أَسقِيةِ الأَدَمِ»، وأُرى أنَّ هذا الفَصْل نقَص على راوي هذا الحديثِ، وقيل: لعلَّه نهى إلَّا عن الأسقية بدَليلِ قوله: «نَهيتُكم عن النَّبيذِ إلَّا في سِقاءٍ»، وقولهم بعدَه:«وكل النَّاس يجد سقاء»[خ¦٥٥٩٣]، وقوله في الحديث الآخر في مُسلمٍ:«نَهيتُكم عن النَّبيذِ إلَّا في سِقَاءٍ فاشربوا في الأسقية»، قيل: لعلَّه في الأوعِيَة والظُّروف؛ لأنَّه نُسِخَ بقوله:«إلَّا في سقاء»، ولقَولِه في الحَديثِ الآخَر المَذكُور:«نهيتكم عن الظُّرُوفِ»، لأنَّ السِّقاء لرقته يسرع التَّغيِير لما فيه بإنشقاقه وانتفاخه، ويبيِّن هذا كلُّه قوله في الحَديثِ الآخَرِ المَذكُور نسخه:«انْتَبِذُوا»، و «كلُّ مُسكرٍ حَرامٌ»[خ¦٤٣٤٣]، وهذا بمعناه.
وقوله في حَديثِ أنسٍ في التَّوبةِ من رِوايَة هَدَّاب:«لله أشدُّ فَرحاً بتَوبةِ عَبدهِ من أَحدكُم إذا استيقَظَ على بَعيرهِ قد أَضلَّهُ» كذا في جميع النُّسخ لمسلمٍ هنا، قال بعضُهم: لعلَّه «سَقَطَ»، وكذا ذكَرَه البُخاريُّ [خ¦٦٣٠٩]، وقد فسَّرناه، قال القاضي رحمه الله تعالى: قد روَى الحديثَ البُخاريُّ أيضاً من رِوايَة ابنِ مَسعودٍ: «فنامَ نومةً ثمَّ رفعَ رأسَهُ فإذا راحلَتُهُ عندَهُ»[خ¦٦٣٠٨] فهذا نحو قوله: «استيقظ»، لكن مساق حديث