قوله:«يَمِينُ الله مَلأَى … سحَّاً» كذا عند جَميعِ شيُوخِنا في «الصَّحيحَين» مُنوَّناً على الَمصدرِ؛ أي: تَسِحُّ سَحّاً، إلَّا عند القاضيِّ الشَّهيدِ أبي عليٍّ في مُسلمٍ وابنِ عيسَى فعِندهُما:«سَحَّاءُ»[خ¦٤٦٨٤] ممدُوداً على النَّعتِ؛ أي: دائمةُ العَطاءِ، والسَّحُّ: الصَّبُّ، ولا يقال إلَّا في المُؤنثِ لم يأتِ له مُذكَّر، مثل: هَطْلَاء لم يأتِ منه أهْطَل، وبعده:«لا يَغِيضُها شيءٌ اللَّيلَ والنَّهارَ» منصُوبَين على الظَّرفِ؛ أي: لا يُنقِصُها، وقد فسَّرناه.
وفي الحَديثِ الآخَرِ عند مُسلمٍ:«لا يَغِيضُها سحَّاءُ اللَّيلَ والنَّهارَ»[خ¦٧٤١١]، والخلافُ فيه كما تقدَّم، لكن عند الطَّبريِّ هنا:«سحُّ اللَّيلِ والنَّهارِ» رفَعَه على الفاعلِ بيَغِيضُ، وكسَر اللَّيلَ والنَّهارَ للإضافةِ، والسَّحُّ: الصَّبُّ، سَحَّتِ السَّماء تَسُحُّ بالضَّمِّ، وكذلك الشَّاة باللَّبنِ لكنَّها تسِحُّ بالكَسرِ.
السِّين مع الخَاءِ
٢٠٤٧ - (س خ ب) قوله في الصَّائمِ: «ولا يسْخَبْ»، و «حتى استَخَبتا»، وفي صِفَته ﷺ:«ليس بسَخَّاب في الأسْواقِ»[خ¦٢١٢٥] السَّخبُ: الصِّياحُ واختِلاطُ الأصْواتِ، يقال: بالصَّادِ والسِّين، والصَّادُ أشهَر، وقد تقدَّم منه في غَيرِ حَديثٍ، ولغةُ رَبِيعةَ فيه السِّين وجاء هنا بالسِّين، وفي مَواضعَ في بعضها بالصَّادِ.
وقوله:«تُلْقِي سِخَابها» * [خ¦٩٦٤]، و «ألْبَستْه سِخاباً» * [خ¦٢١٢٢] بكَسرِ السِّين، قال البُخاريُّ: هي القِلادةُ من طيبٍ أو سُكٍّ، قال ابنُ الأنباريِّ: هو خيط يُنظم فيه خرز، ويَلبَسُه الصِّبيانُ والجواري، وقال غيرُه: هو من المُعاذَاتِ، وقال ابنُ دُرَيدٍ: هي قلادة من قَرَنفُلٍ أو غَيرِه، والجمعُ: سُخُبٌ، وقال غيرُه: هي قِلادَة من قَرنْفُل وسُكٍّ ومَحْلب ليس فيه من الجَوهرِ شيءٌ.
٢٠٤٨ - (س خ ر) قوله: «أتَسْخَرُ مِنِّي وأنتَ المَلِكُ؟!»[خ¦٦٥٧١] السِّخْريةُ بكَسرِ السِّين من الاستِهْزاء والاستِجْهال، وبضَمِّها من السُّخرةِ والتَّسخيرِ، وقُرِئ: ﴿فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سُِخْرِيًّا﴾ [المؤمنون: ١١٠] بالوَجهَين على المَعنيَين.
والسّخرية في حقِّ الله تعالى لا تجُوزُ على وَجهِها؛ لأنَّه مُتعالٍ عن الخُلْف في أقْوالِه ومَواعيدِه، ومعنى قوله:«تَسخَرُ بي» أي: تُطمِعُني فيما لا أُراه من حقِّي، فكأنَّها صُورَة