ويَظهَر لي أنَّ الصَّوابَ الرِّوايةُ الأولى، ويكون الإحفاءُ: النَّقصُ، من إحفاءِ الشَّواربِ وهو جزُّها، ويكون بمعنَى الإمساك، من قولِهم: سألنِي فحفَوتُه؛ أي: منعتُه؛ أي: أمسِكْ عنِّي بعضَ ما معك ممَّا لا أحتَمِله، وقد يكون الإحفاءُ أيضاً بمعنَى الاستِقصاء، من إحفاءِ الشَّوارب، و «عنِّي» هنالك بمعنَى: «عليَّ»؛ أي: استَقصِ ما تُخاطبُني به ونخِّلْه، وجوابُ ابنِ عبَّاس يدلُّ عليه، وذكَر المفجَّع اللُّغويُّ في كتابه «المنقِذ»: أحفَى فلانٌ بفلانٍ إذا أربَى عليه في المخاطَبة، ومنه:«أَحْفَوْه في المسألة»[خ¦٦٣٦٢] أي: أكثَروا، فكأنَّه بقولِه:«وتُحفِي عنِّي» يقول: لا تُكثِر عليَّ وعدِّ الإكثارَ عنِّي، والله أعلم.
في فتحِ مكَّةَ:«احصُدوهم حَصْداً»، و «أحفَى بيدِه على الأخرى» كأنَّه أشار إلى المبالَغة.
وفي الحديث:«إنَّ الله يحبُّ العبدَ التَّقِي الحفِيَّ» كذا هو عند العُذريِّ بحاءٍ مهملةٍ، ولغيرِه بالمعجمة، وهو الصَّوابُ.
وقوله في حديثِ ابنِ أبي شيبةَ في الإيمان والإسلام:«وإذا كانت العُراةُ الحفاةُ رؤوسَ النَّاسِ» بالحاءِ المهملة، جمعُ: حافٍ، كذا لكافَّتهم كما في غيرِ هذه الرِّواية، وعند ابنِ الحذَّاء:«الحَفَدةُ» مكانَ «الحفاةُ» ومعناه هنا: الخَدَمَةُ، كما قال في الحديث الآخَر:«رِعاءَ الشَّاءِ».
وقوله:«ونحنُ خِفافُ الحَقائبِ» جمعُ: حقِيبةٍ، وهي ما يُشَدُّ في مؤخِّرَة الرَّحْل، يَرفَع فيها الرَّجلُ متاعَه وما يَحتاجُ إليه، ومنه: احتَقب فلانٌ خيراً أو شرّاً، كأنَّه رفعَه في حقِيبتِه لوقتِ الحاجة، وفي الحديث:«فانتَزعَ طَلْقاً من حَقَبِه» الحَقَب: هو الحبلُ يُشدُّ وراءَ البَعير، وضبَطه بعضُهم:«حَقْبِه» بالسُّكون؛ أي: ممَّا احتَقبَه، وقد ذكَرنا هذا الخبرَ والاختِلافَ فيه والوهمَ في حرف الجيم والعين.
٥٣٥ - (ح ق ل) فيها: «المُحاقَلَةِ»[خ¦٢١٨٦] وهو مُفسَّرٌ في الحديث: