العُقوق حتَّى يكون الابن كالمَولَى لأُمِّه تسلُّطاً، وقيل: سُمِّيَ بذلك لأنَّه سَبَّبَ إليها عتقَها فصار كربِّها المُنعمِ عليها به، وقيل: يقل التَّحفُّظُ وتُباع أمَّهاتُ الأولاد حتَّى قد يملكها ابنها ولا يَعلَم أنَّها أُمُّه، وكذلك على ظاهرِ لفظِ البَعلِ: يتزوَّجها ابنها وهو لا يَعلمُها.
وقوله:«في البَعلِ العُشرُ» المُرادُ به في الحَديثِ هنا: ما لا يُحتاجُ إلى سَقيٍ، وإنَّما يَشرَب بعُروقِه من ثرى الأرضِ، وهذا هو البَعلُ حقِيقَةً، وكذلك حُكْم العُثَرِيِّ في الزَّكاة أيضاً حُكْمُ البَعلِ، وهو الَّذي يُسقَى من ماء الأمْطارِ، ويُعثَر له بأهداب مجاري السُّيول من الأمطار، وبهذا فسَّر ابنُ قُتيبَةَ البَعلَ، وأنَّه والعَثَريَّ سواء، والأصمعيُّ وأبو عُبيدَةَ يُفرِّق بينَهُما.
فصلُ الاخْتلافِ والوَهمِ
«أنفَجْنا أرنَباً» أي: أثَرْناها من مَجثَمِها فنفجَتْ؛ أي: وثَبَت وعَدَتْ، كذا رِوايةُ الكافَّة فيه في «الصَّحيحَين»[خ¦٢٥٧٢] بالنُّون والفاء والجيمِ، وروَى أبو عبد الله المازِرِيُّ هذا الحرفَ في كِتابِه:«بَعجنا» بفَتحِ الباء بواحِدَة بعدَها عين مُهملة، وفسَّره شَقَقْنا بطنَها، والتَّفسيرُ صحيحٌ لكنَّه تصحيفٌ قبيحٌ، ولا يصِحُّ هنا، ألا ترَى قوله في بَقِيَّة الحديثِ:«فسَعَوا عليه فلَغَبوا قال: فسعَيْتُ حتَّى أدرَكْتُها، فأتَيْتُ بها أبا طَلْحةَ، فذَبَحَها» ولو أخذُوها أوَّلاً وشقُّوا بطنَها لم يَسْعَ بعدُ ولا سَعوا وراءَها حتَّى لَغبُوا، ولا احتاجوا إلى أخذِها ثانِيَة وذَبحِها، ولم يَذكُر أحدٌ هذه الرِّوايةَ سِواهُ.
في حَديثِ عَمرِو بنِ العاصِ:«إنَّ أفضلَ ما بعدَ شهادةِ أن لا إلهَ إلَّا الله» كذا عند العُذريِّ، ولغَيرِه:«نُعِدُّ» بالنُّون وهو الصَّوابُ، وليس في الحَديثِ لـ (إنَّ) خبَرٌ إلَّا قولَه: «شهادة إلَّا إله إلَّا الله».
وقوله في «المُوطَّأ» في الإحْصانِ في العَبدِ يتزَوَّج الحُرَّة: «فإن فارقَها بعدَ أن تُعتَقَ فليس بمحصَنٍ» كذا لابنِ أبي صُفرة، وهو وهمٌ، وصَوابه ما لسائر رُواةِ «المُوطَّأ»: «قبل أن تُعتَقَ».
في «مُسلمٍ» في الوَصِيَّة بالثُّلث: «فكان بَعْدُ الثُّلُثُ جائزاً» كذا لكافَّة شيُوخِنا، وعند ابنِ الحذَّاء:«يعدُّ»، والأوَّل أوجَهُ.
وفي (باب فَضلِ صلاةِ العِشاءِ في الجَماعةِ): «فأُحرِّق على مَن لا يخرجُ إلى الصَّلاة بعْدُ»[خ¦٦٥٧] كذا لأبي ذرٍّ، وعنده لأبي الهيثَمِ:«بعذرٍ»، وهي رِوايةُ الجُمهُور هنا، والأوَّل الصَّوابُ؛ أي: مَن لا يخرُج إليها بعد الإقامَةِ والأذانِ،