للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مضَى، وهي تجزمُ الفعلَ بعدَها، وقد جاءت في الحديث بمعنى: (لن).

[فصل الاختلاف والوهم]

في (بابِ أكلِ الجُمَّار): «إنَّ مِن الشَّجرِ لَما بركتُه كبركةِ الرَّجُلِ المسلمِ» [خ¦٥٤٤٤] كذا لأكثرهم، للنَّسفِيِّ وابنِ السَّكَنِ والحَمَّوييِّ والمُستمليْ والجُرجَانيِّ، وعند المَروَزِيِّ: «لها بركةٌ» بالهاء، وكلاهما متقاربٌ، والأوَّلُ أصحُّ في المعنى، وفي بعضِ الرِّوايات عن ابنِ السَّكَن: «إنَّ مِن الشَّجر شجرةً لها» وبهذه الزِّيادة تستقيم هذه الرِّواية.

وقوله في بابِ قولِ الرجل: «ويلكَ! إنْ أُخِّرَ هذا فلم يُدرِكْهُ الهرمُ حتَّى تقومَ السَّاعةُ» كذا للرُّواةِ، وعند ابنِ السَّكَن: «فلن يُدرِكَه الهرمُ» [خ¦٦١٦٧] وهو الوجه؛ أو: «لم يدركْهُ» بحذف الفاء، وهو مكانُ جوابِ الشَّرط، وعلى الوجه الأوَّل لا جوابَ فيختلُّ الكلامُ، وقد جاءَ في الحديثِ الآخر: «لم يدركِ الهرمَ؛ قامتْ عليكم ساعتُكم»؛ ذهب بعض المتكلِّفين لمَّا أشكلَ عليه معنى الحديث مع صِدْقِ النَّبيِّ فيما يخبر عنه، إلى أنِّ صوابه: ثمَّ يدركُه الهرم، ثمَّ قامتْ عليكم ساعتُكُم، وهذا بعيدٌ غيرُ سائغٍ في جهة اللِّسان؛ إذ لا جوابَ هنا للشَّرطِ، وأيضاً فإنَّه إنْ قَدَّرَ هذا اللَّفظَ في هذا الحديثِ فما يصنعُ في غيرِه من الأحاديثِ كقوله: «إنْ يعِشْ هذا الغلامُ فعسى أنْ لا يدرِكَه الهرمُ حتَّى تقومَ السَّاعةُ» [خ¦٦٥١١]، وإنَّما معناه وتأويلُه الَّذي يرفع إشكالَه ويشهدُ بصدْقِهِ على كلِّ حالٍ ما جاءَ في أوَّلِ الحديثِ الآخر: «كانَ رجالٌ من الأعراب جُفَاةً يسألونَ النَّبيَّ : متى السَّاعةُ؟ وكان ينظرُ إلى أصغرِهم فيقول: إنْ يعِشْ هذا لا يدرِكُه الهرمُ حتَّى تقومَ عليكم ساعتُكُم» [خ¦٦٥١١] يعني: موتَكم، بهذا فَسَّرَ الحديثَ مَن سلَفَ من أئمتنا كقولِه: «مَن ماتَ فقد قامتْ قيامتُه».

ومثلُه في الباب قوله: «لم يَتِرَكَ من عملِكَ شيئاً» كذا لأكثر الرُّواة، وعند الأَصيلي: «لن» [خ¦١٤٥٢] وهو المعروف.

ومثله في الاستئذانِ في حديثِ أبي موسى: «إنْ لم يجدْ بيِّنةً لم تجِدُوه» كذا لأكثرهم، وعند الجَيَّانيِّ: «لن».

ومثله في «صحيح مسلم» في الاستئذان في حديث أبي موسى: «وإن لم يجد بيِّنةً فلم تجدوه» كذا عند كافَّة شيوخِنَا، وليس بوجهِ الكلام، وفي بعض النُّسخ: «فلن تجدوه» وفي بعضها: «لم يجدوه» وهذان الوجهان وجه الكلام على ما تقدَّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>