٥١٨ - (ح ص د) قوله: «احصُدُوهم حَصْداً» يعني: اقتُلوهم واستَأْصِلوهم كما يُحصَد الزَّرعُ، يُقال: حصَده بالسَّيف إذا قتَله، وقيل في قوله تعالى: ﴿مِنْهَا قَآئِمٌ وَحَصِيدٌ﴾ [هود: ١٠٠] أي: ذهَب فلم يبقَ له أثرٌ.
وقوله:«كالأرْزَة حتَّى تَستَحصِد» أي: تنقَلع من أصلِها، كما جاء في الحديث الآخَر:«حتَّى تنجَعِف بمرَّة»[خ¦٥٦٤٢] من الحَصْد، وهو الاستِئصال كما تقدَّم، ورواه بعضُهم:«تُسْتَحصَد» بضمِّ التَّاء وفتحِ الصَّاد، والأوجهُ به هنا: بفتحِ التَّاء وكسرِ الصَّاد، وكذلك في الزَّرعِ إذا استَحصَد، وحتَّى يَستَحصِد؛ أي: يَحينَ حصادُه.
٥١٩ - (ح ص ر) قوله: «تُعرَض الفِتنُ على القُلوبِ كالحَصيرِ -وعرْضَ الحَصيرِ- عُوداً عوداً» قيل: معناه تُحيطُ بالقلوب، يُقال: حَصَرَ به القومُ إذا أحدَقوا به، وقيل: حصِيرُ الجَنْب: عِرْقٌ يمتدُّ مُعترِضاً على جَنْبِ الدَّابَّة إلى ناحيةِ بطنِها، شبَّهها بذلك، وقال ثعلب: الحَصيرُ: لحمٌ يكون في جانِبَي الصُّلبِ من لَدُن العُنق إلى المتْنَين، وقيل: أراد عرْضَ أهلِ السِّجنِ واحداً واحداً، والحَصيرُ السِّجنُ، وقيل: تُعرَض بالقلوب: تُلصق بها لَصق الحَصير بالجَنْب، وتأثيرُها فيه وبقاءُ أثرِ أعوادِها في الجِلد إذا لزِقَت به، وإلى هذا كان يذهَب من شيوخِنا سفيانُ بنُ العاصي والوزيرُ أبو الحُسين، قيل: تُعرَض عليها واحدةً واحدةً كما تَعرِض المنَقِّيَةُ لشَطْبِ الحَصير، وهو ما تُنسَج منه من لِحَاءِ القُضبان على النَّسَّاجة، وتُناوِله إيَّاها عوداً بعدَ آخَرَ، وإلى هذا كان يذهَب من شيوخِنا أبو عبد الله بنُ سليمان، وهو أشبَه بلفظِ الحديث ومعناه، وقد بسَطنا الكلامَ عليه وبيَّنَّاه في «الإكمال لشرح صحيح مسلم»، وسيأتي اختلافُ الرِّواية في قولِه:«عوداً عوداً»، واختلافُ التَّأويل فيه في حرفِ العين إن شاء الله.
وقوله في «المُحْصَر»، و «الإحصار»[خ¦٢٧/ ١ - ٢٨٢٦]، و «الحَصْر»[خ¦٢٧/ ٣ - ٢٨٣٣]، و «لمَّا حُصِر رسولُ الله ﷺ»، ويُروَى:«أُحصِر»[خ¦١٨٠٩] قال إسماعيل القاضي: الظَّاهرُ في اللُّغة أنَّ الإحصارَ بالمرض الذي يَحبس عن الحجِّ، وأنَّ الحَصْرَ بالعدُوِّ، ونحوُه لأبي عُبَيدة، وقال ابنُ قتيبة: أُحصِر بالمرضِ والعدُوِّ، وحَصَره العدُوُّ، ومنه:«فلمَّا حُصِر»، و «كنَّا مُحاصِرينَ حِصنَ خَيبرَ» * [خ¦٣١٥٣] أي: مُمانِعيهم الخروجَ، و «إذا حاصَرتَ أهلَ حصنٍ» وأصلُ الإحصارِ: المنعُ،